
للتواصل معنا
ملخص كتاب أنا قادم أيها الضوء للكاتب محمد أبو الغيط، ليس مجرد يوميات مريض يصارع السرطان، بل نسيجًا إنسانيًا معقودًا بالخيط الدقيق بين الأمل والانكسار، يفتتح محمد أبو الغيط رحلته في قلب الألم دون أن يغرق في الحزن، فيصوغ من وجعه قوة ومن ضعفه عزيمة ومن دنو الأجل تأملًا حيًا في ما مكتاب طرفة عين | كيف ينبئ الحدس عقلك؟ضى وما سيأتي، فهل يمكن للإنسان أن يحوّل نهايته إلى بداية؟ وهل يصير الوداع رسالة مضيئة في وجه العتمة؟
يأبى كتاب أنا قادم أيها الضوء أن ينصاع لنمط السيرة التقليدية فلا يلتزم بتسلسل زمني ولا بسرد محفوظ، هو كتاب عن البقاء وعن التفاصيل الصغيرة التي تعني كل شيء حين تُهدد الحياة، يعترف أبو الغيط أنه لم يكتب مذكرات علاج بل سجّل حياة كاملة بتناقضاتها وهزائمها وانتصاراتها اليومية وكأنه يقول للقارئ: لستَ وحدك!
حين يكتب عن تجربته لا يتقمص دور الضحية، بل يتماهى مع كل من مرّ بطريق يشبه طريقه، يستند إلى العلم فيدحض خرافات "الطب البديل" ويقارن بين الأدوية التقليدية والتجريبية لا بنبرة المعلّم بل بروح الشريك في النجاة، يربط بين الطب والسياسة وبين لحظات الألم وتفاصيل العالم المتغير وكأن الوجع الشخصي مرآة لما هو أوسع من الجسد.
كتاب محمد أبو الغيط أنا قادم أيها الضوء يشبه جسرًا بين العام والخاص، فهو يناقش قضايا الحرية والكرامة الإنسانية إلى جانب مسألة العلاج وكرامة المريض، تتكرر في النصوص إشاراته لتاريخ الظلم السياسي، لقضايا المعتقلين، ولحلمه أن يرى والد زوجته حرا قبل أن يغمض عينيه، لكنه لا يكتب بمرارة بل برجاء يشع ضوءًا.
ما يميز كتاب أنا قادم أيها الضوء أنه يخلو من الضجيج، لا شعارات ولا نبرة وعظ، بل كلمات هادئة تتسلل إلى القلب، هل هو التواضع أم النضج؟ ربما كلاهما، فالكاتب الذي خبر الصحافة الاستقصائية ووقف في وجه الفساد لم يحتج سوى إلى سطور رقيقة ليفضح قسوة المرض أو ظلم الدولة أو هشاشة العالم.
الأسلوب هنا بسيط لكنه نافذ، هل تعرف ذلك النوع من الكتابة التي لا تصرخ لكنها توقظك؟ هذا ما فعله أبو الغيط، فهو لا يستعرض بل يبوح، لا يتفاخر بل يشارك، كمن يقول للقارئ: كل ما فعلته أنني حاولت، لذلك فإن تحميل كتاب أنا قادم أيها الضوء لا يعني امتلاك نسخة، بل امتلاك تجربة، تجربة رجل خاض رحلته حتى نهايتها دون أن يفقد البوصلة.
يتساءل أبو الغيط في أكثر من موضع: ما معنى أن نحيا ونحن نعلم أن النهاية قريبة؟ هل يكفي أن نعيش بكرامة؟ أم أن الكرامة أن نمنح الآخرين ما نستطيع ونحن في أقسى حالاتنا؟ وهذه الأسئلة، التي تتكرر بلا إجابات حاسمة، هي في ذاتها مفتاح الفهم العميق للكتاب.
لا تخف.. فثمة ضوء!
في أحد فصول كتاب أنا قادم أيها الضوء pdf يكتب أبو الغيط عن السيدة الأمريكية "ماري لاسكر" التي غيّرت وجه البحث العلمي بعد وفاة زوجها بالسرطان، ويقارن بين ما فعلته من نضال سياسي واجتماعي من أجل مرضى هذا الداء، وبين من يكتفون بالعزاءات والمجاملات، هو لا يلوم أحدًا لكنه يدعونا للتفكير: ماذا نفعل بالوجع؟ هل نصمت؟ أم نبدّل به شيئًا في هذا العالم؟
ورغم كل شيء، تفيض الكتابة بالأمل، كل بداية علاج هي بارقة رجاء وكل سطر يحمل ومضة ضوء، فحين يكتب رسالة أخيرة لابنه "يحيى"، لا يورثه الحزن بل يمنحه كنزًا ثمينًا: النور، وهكذا تظل صفحات كتاب أنا قادم أيها الضوء حيّة حتى بعد رحيل صاحبها، تخاطب كل إنسان في لحظة ضعف وتهمس له: لا تخف.. فثمة ضوء!
في النهاية، كتاب أنا قادم ايها الضوء ليس حكاية مريض بل وثيقة حياة، هو كتاب لا يُقرأ بل يُعاش لا يُبكى عليه بل يُحتفى به، ومن هنا تصبح الدعوة إلى قراءة هذا العمل –وربما تحميل كتاب أنا قادم أيها الضوء لمن لم تتح له النسخة الورقية– أكثر من مجرد مطالعة، إنها لقاء حميم مع إنسان خاض النفق وترك أثرًا من ضوء.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية وحدها شجرة الرمان للكاتب سنان أنطون
رواية ترنيمة سلام من تأليف الكاتب أحمد عبد المجيد