أول أيام الحظر
#قصص_مسموعة
#دكتور_احمد_حسن_جمعه
جلس في فراشه، يتساقط العرق من جبهته على صدره فيبلل فانلته الداخلية إثر انقطاع الكهرباء منذ لحظات ليستفق من نومه الذي اعتاده يوميا بعد عودته من عمله.
فتش عن هاتفه المحمول بعينين نصف مفتوحتين، وما إن وجده ضغط علي زر جانبي فيه ليضيء الشاشة لكن الهاتف لم يستجب، نظر إلي الشاحن ليجد أنه لم يكن مثبتا بمكانه جيدا في الهاتف الذي فرغت بطاريته. لعن الشاحن والكهرباء، وقام ليدخل إلى الحمام، وجد المياه مقطوعة أيضا، فغسل وجهه من الماء المخزون في إناء بلاستيكي؛ وهو يلعن أم هذا اليوم.
انتهى وخرج ليطلب من زوجته أن تصنع له كوبا من الشاي. قامت متأوهة من مكانها لتسير نحو المطبخ بجلباب ضيق يبرز ترهلات بطنها وأردافها الكبيرة، لاحظ عرجا خفيفا في مشيتها، سار إلى الشرفة، أخذ يتأمل الشارع الممتلئ بالمارة في مثل هذا الوقت من اليوم قبل بدأ الحظر الليلي.
أحضرت له زوجته كوب الشاي وضعته إلى جواره وانصرفت.
في الشرفة المقابلة رأى غسيل جارته حديثة الزواج بألوانه الزاهية. ومن شرفة المنزل الملتصقة بشرفته سمع صوت جارة أخرى تهدهد طفلها الصغير ثم تتأفف من الحر وعدم عودة الكهرباء، بعد أن فرغ من كوب الشاي دخل إلي صالة المنزل، جلس علي الكنبة يتابع ابنته تجلس علي الأرض تضع طلاءً للأظافر علي أثر الضوء القادم من الشرفة، لأول مرة يلاحظ بروز نهديها، وجسدها الذي لم يعد جسد طفلةٍ صغيرة، بعد أن انتهت حكت كثيرا عن بطل المسلسل الذي تتابعه وكيف أنه يشبه والدها كثيرا بل أن والدها أجمل.
علي مقعد آخر جلس ابنه يلعب في هاتفه الذي لم تفرغ بطاريته بعد، يصرخ من وقت لآخر مندمجا باللعبة التي يلعبها، تطلع إليه ليدرك أن ابنه يشبهه كثيرا نفس الوجه المربع والعينين الكبيرتين والأنف المدبب وكأنه هو في صغره، رفع الابن رأسه ليرى تحديق أبيه فيه. ابتسم الأب بينما انعقد حاجبي الطفل في تعجب.
خرج إلي الشرفة مرة أخرى ليدخن سيجارة، أصبح الشارع أكثر هدوءا مع بدأ حلول الظلام.
عندما فرغ من سيجارته دخل مرة أخرى إلى المنزل كانت زوجته قد أشعلت شمعة انعكس ضوءها على صورة معلقة بالجدار، تجمعه بأسرته:
زوجته بجمالها الهادئ تطوق خصره بذراعيها وهو يحمل طفله الصغير بين يديه، بينما ابنته تنظر للأسفل في فرح محدقة في حذائها الجديد.
انتبه في اللحظة التي علا فيها صوت الأطفال في الشرفات والمنازل مهللين بعودة الكهرباء ,انطفأت الشمعة ، وضع ابنه هاتفه بالشاحن وانتظر بجواره، فتحت ابنته التلفاز لتتابع مسلسلها المفضل، بينما قامت الزوجة لتكمل تنظيف الأطباق المتسخة التي تراكمت في حوض الغسيل.
عاد إلى الشرفة، أشعل سيجارة أخرى، شاهد جارته تلملم غسيلها في الشرفة المقابلة، بينما عاد الطفل الصغير في الشرفة التي بجواره إلى البكاء.
#روايات_مسموعة
#حبة_البندق
#دليلة
#أدب
#رواية
#أدب_عالمي
#كاتب
#روائي