الشارع الخلفي للمستشفى
بقلمي،،،،
تمشي سيارة ملاكي قديمة متمهلة في الشارع المزدحم, توقف محركها فجأه عن العمل ما جعل الشارع أكثر ازدحاما, حاول سائقها إعادة المحرك للعمل عدة مرات لكنه فشل,
المكان أصبح سوقا كبيرا بعد أن احتله الباعة الجائلون, سور قديم نصف خرساني ونصفه قضبان معدنية متوازية احتلتها معروضات من ملابس نسائية وملابس أطفال وأحذية وأدوات مطبخ وخبأته عربات الخضار خلفها, وما بقي من السور علقت عليه لافتات لعيادات طبية ومعامل تحاليل ومكاتب محاماة, البوابة الخلفية المستشفي كبيرة ,بالكاد تري من بين الزحام , بدرفتين تكاد احداها تسقط مربوطة بسلسلة حديدية الي عمود خرساني متهالك.
في أول الشارع تمشي سيدة عجوز بخطي متثاقلة , تجر كيسا قماشيا علي اربع عجلات, بعد أن رحل كل جيرانها بالعقار الذي تسكنه هربا من الشارع المزدحم مؤجرين شققهم استغلالا لارتفاع اسعار الأيجار بالمنطقة, تركت زوجا مريضا بالمنزل لا يقوي علي النزول , تجر العربة بيد وتمسك بالأخري هاتفا محمولا قديما تنظر فيه من وقت للآخر, تخاف أن يرن جرس الهاتف من زوجها فلا تسمع او لعله تأتيها مكالمة من ابنها المسافر بالخارج يخبرها بأنه أخيرا قد جهز لها ولأبيه تأشيرة للعمرة, وضعت الهاتف في جيبها بعد ان وقفت علي عربة الخضار , أمسكت ثمرة طماطم بيدها قبل أن يصرخ البائع بشفاه مصبوغة من أثر التدخين ومن تحت شارب كث بصوت مفزع
- مجنونه يا قوطة
تمتمت في سرها :
- والله ما حد مجنون غيرك.
وضعت الثمرة من يدها وتحركت إلي بائع آخر.
علي دراجة عالية قديمة يمر بائع الخبز يحمل طاولة كبيرة فوق رأسه حافظ علي اتزانها بقطعة قماش دورها كأنها عمامة ووضع الطاولة عليها, يمسك بيديه مقبضي الدراجة يتفادي الناس , اصطدم مقبض الدراجة بمؤخرة سيدة استدارت في ضجر وقالت:
-مش تفتح يا بني آدم .
في خجل قال:
-أنا اسف يا مدام.
نظرت اليه باحتقار ثم استدارت, عدل اتجاه طاولة الخبز فوق رأسه ثم انصرف.
مستندة علي رجل وسيدة, تمشي إمراة حبلي مائلة للخلف, بارز بطنها تضع يدا خلف ظهرها , تجرجر أقدامها ناحية بوابة المستشفي , تقف بين لحظة وأخري تصرخ واضعة يدها علي بطنها ثم تهرول لتختفي وسط الزحام.
في زاوية ظليلة من الشارع وأسفل بناية عالية جلس صاحب عربة الشاي علي كرسي خشبي , بجلباب واسع وأصابع مكتظة بخواتم فضية كبيرة الفصوص وكرش كبير استراح علي فخذيه, يدخن الشيشة يجلس بجواره شاب علي الرصيف يتبادلان الحديث والصمت والتطلع لمرتادي الشارع قبل أن ياتي طفل صغير ممسكا حاملا للفحم يهزه بيديه ليصدر صوت طقطقة وصينية عليها بضع فحمات مشتعلة, بصوت طفولي قال:
- الحجر مات يا معلم, أغير؟؟
سعل الرجل صاحب الكرش مرتين فاهتز جسده والكرسي من تحته وقال بصوت متحشرج
-أيوه غير.
من أمام عربة مزينة ببالونات وألعاب أطفال تمر إمراة شابة تحمل علي كتفها طفل رضيع وباليد الأخري تمسك طفلا أخر يمشي علي قدميه, كان الطفل يقلب نظره في الشارع حين وقعت عيناه علي بالونة كبيرة زاهية الالوان, لاحظ البائع انتباه الطفل فأخد يحرك البالونات ويفردها ويهزها , لم تلحظ الأم إنشغال الطفل الذي استدارت رقبته ينظر للخلف حتي استدار كله جاذبا أمه من ذراعها ومشيرا إلي البالونة الكبيرة, نهرته بشدة دون أن تلتفت فصرخ باكيا, شدته من ذراعه مكملة طريقها بينما اختفت البالونة والبائع عن ناظري الطفل الذي لايزال يبكي.
اطلقت سيارة الإسعاف نفيرها مكررا مفزعا الجميع قبل أن يصرخ سائقها في المايكروفون الخاص بالسيارة :
- عجلة قدام يا ملاكي
تردد محرك السيارة للحظات قبل أن يعمل مصدرا صوتا عاليا ودخانا من مؤخره السيارة, كركرت السيارة متحركة ببطء تميل علي الجانبين بضعة أمتار بينما أطلق سائق الإسعاف لسيارته العنان لتختفي داخل بوابة المستشفي.
#قصص_مسموعة
#دكتور_احمد_حسن_جمعه
#روايات
#روايات_مسموعة
#دليلة
#حبة_البندق
#أدب
#أدب_عالمي
#أوديوهات