القلب لا ينسى #قصص_مسموعة
للكاتب الدكتور احمد حسن جمعه
من المجموعة القصصيه دليلة

جلس ليستريح من تعب العمل ف الحقل تحت ظل شجرة الكافور العجوز علي طرف المزرعة كانت شمس مارس لا هي بالسخنة ولا الباردة..شرد للحظات يفكر في حاله وما حدث له..شعور غريب أن تصحو يوما فتجد نفسك معا أناس لا تعرفهم ...في مكان لا تعرفه..والأغرب أن الكل يعرفك ويعاملونك بأسلوب غريب مزيج من الحنو والإشفاق...

هذا يدعي أنه إبن خالتي والباقين أولاد عمومي...حتي تلك العجوز والتي تدعي أنها زوجة عمي وأنها هي التي ربتني بعد وفاة والدتي...تصر في كل جلسه طعام أن أجلس قبل أبنائها...حتي أصدقاؤه المقربين والذين يزورونه يوميا يتبادلون النكات والقفشات ويتهكمون دائما علي مواقف قديمة له لكنه يشاركهم الضحك ولا يتذكر أي شئ...فقط يألف جلستهم ويستسيغ طريقتهم في المزاح ....

أنهي عمله ف الحقل وركب دراجته البخارية كان الهواء البارد يلفح وجهه وتكاد أنفه أن تتجمد... يسلك الدروب والطرق كأنه من قام بتمهيدها ...يقود وكأنه يسير علي الطريق منذ صغره....يتفادي مطبات الطريق كأنه سائق في الفورميولا ون ...
وصل إلي المكان الذي أخبروه أنه وقع له فيه الحادث منذ شهرين ..لا يتذكر ما حدث أصلا ولا يصدق كل هذا غير أن ندبه في كتفه وجرح فوق أذنه يذكرونه من وقت للأخر أنه ربما فعلا حدث..

يمر من المكان من هذا العمود وحتي تلك الشجرة علي ضفاف الترعة كأنما يمر من ثقب أسود أو كانه تخطي حاجز الزمان والمكان...يحس بمزيج من إنقباضه القلب وبطئ دقاته...كل مرة يمر من المكان ينتابه نفس الشعور أوعز الأمر في أوله إلي أنه ربما إعياء أو ضربة شمس لكنه عندما تكرر عليه تشجع هذه المره وترجل...

نزل من دراجته يبحث في أرجاء االمكان وكأنه يبحث عن شئ يعرف أنه سيجده كان فعلها سابقا أول ما أخبروه ولكنه لم يجد شئ...تسارعت دقات قلبه حتي أحسها تهز رأسه عندما رأي كيسا بلاستيكيا صغيرا يختبئ خلف التراب والبوص...

أسرع وفتح الكيس ليجد فيه كوفية زرقاء مصنوعة يدويا ....إنه يحب اللون الازرق ربما سقطت وقت الحادث لا يتذكر...فتح الكيس إشتم رائحتها ...نفس العطر الذي تذوب فيه ملابسها في دولابها ...لم تسقط منه بل سقطت من زوجته التي قالوا إنه فقدها في الحادث....
إحتضن الكيس وطار إلي البيت ...إلي غرفته...جلس علي طرف السرير كعادته ينظر إلي حذائها الصغير ويبتسم ...كيف أن يكون هذا حذاء سيدة متزوجة ...إنه حذاء طفلة صغيرة ..
ينظر إلي صورة تجمعهما يتفحص ملامحها طفلة صغيرة تملأ إبتسامتها وجهها ..تطوق خاصرته بيديها كأنها تحيط الكون بذراعيها ...بالكاد راسها تصل إلي كتفه ...
جلس علي ركبتيه وأخرج صندوقا حديدا فتحه ليخرج منه أجندة صغيرة إعتاد أن يقرأ فيها كل ليلة ما كتبه من مذكراته...

فتح الأجندة ليجد صورة صغيرة لها... حمل الصورة كأنه يكلمها..فتح الأجندة وقرأ ( يوم الثلاثاء الخامس والعشرون من أكتوبر لم أذهب إلي الحقل يومها جمعت شهاداتي وأوراقي وذهبت لأتقدم لوظيفة محاسب بوزارة الري لم أوفق لإن الشروط لم تنطبق علي أو هكذا أرادوا لكي تذهب إلي غيري عدت إلي البيت ضجرا وضعت زوجتي طعام الغذاء ما إن تذوقت كان ساخنا للغاية قمت ضجرا وتركت الطعام قامت تهرول ورائي وتبكي وتقسم بأنها خافت أن يكون باردا وأني أكره الطعام البارد وأنها لا تطيق ضجري..تعجبت بكاءها لكن الكبر تملك مني لأخرج من البيت ثانية لأعود آخر الليل لأجدها نائمة علي كنبة في صالة البيت وقد إبتل مخدعها من البكاء (
أغلق الأجندة ووضع الكوفية علي أنفه ليشتم رائحتها فيها نظر إلي صورتها الصغيرة وضعها مكانها ...وضع رأسه علي وسادته يفكر ف حاله كعادته كل ليلة حتي يغلبه النوم.
#دكتور_احمد_حسن_جمعه
#قصص
#أدب
#روايات_مسموعة
#دليلة

#A_H_G