
للتواصل معنا
ملخص رواية طواحين بيروت للكاتب توفيق يوسف عواد، هل تتحوّل المدن إلى طواحين تطحن أبناءها؟ رواية طواحين بيروت للكاتب اللبناني توفيق يوسف عواد، تطرح هذا السؤال المؤلم في سردٍ إنساني عميق، رواية لا تسرد وقائع سياسية فقط، بل تحفر في التربة النفسية والاجتماعية للبنان الستينيات، حيث يلتقي الجيل الجديد بأحلامه الممزقة على أرصفة الواقع الملبد بالتناقضات.
في قلب رواية طواحين بيروت تنبض المدينة ككائن حي متقلب المزاج، بيروت ليست فقط مسرحاً للأحداث بل شخصية قائمة بحد ذاتها، تدور الحكاية في زمن مفصلي، حين بدأت الفئات البرجوازية بالنمو، وظهرت محاولات بناء وطن مدني يحترم التنوع، غير أن هذا الحلم يصطدم بمعوقات متجذرة، قوى طائفية، زعامات تقليدية، ونفوس مشبعة بالتعصب تقف في وجه أي تغيير حقيقي.
في قلب السرد تتألق شخصيتان: هاني الراعي المسيحي القادم من قرية المطلة، وتميمة نصور المسلمة الشيعية من قرية المهدية، كلاهما يمثل الجيل الجديد الذي يحلم بالنهضة، يصطدمان مع واقع المدينة، لكن لا يتراجعان، في رواية طواحين بيروت يتحول الحب بينهما إلى رمز لجسر الهوية الطائفية، وجسر آخر بين القرية وبيروت، إنهما ينشدان جامعة تليق بطموحات الوطن، ولكن الجامعة ذاتها تتحول إلى ميدان صراع جديد بين الحلم والفساد.
الكتاب لا يكتفي بوصف الأمل بل يواجهه بالخذلان، طلاب ينادون بالإصلاح فيتلقون الرصاص بدل الاستجابة، السلطة تراقب وتطلق العنف، بينما تتسلل الأجندات الحزبية إلى ساحات النضال الطلابي، تتحول الحركة الطلابية في رواية طواحين بيروت إلى مسرح تتصارع فيه مصالح ضيقة، ويختلط فيه النضال الحقيقي بأصابع المتسلقين وتجار الشعارات.
ما يميز رواية طواحين بيروت ليس فقط موضوعها بل أسلوبها، اللغة هنا ليست وسيلة بل شريك سردي ينقل المشاعر والانكسارات، تتقاطع الجماليات اللغوية مع عمق المعنى، ويظهر تأثير مؤلفات توفيق يوسف عواد الأخرى مثل “الرغيف” في بناء شخصيات حية ومشحونة، هو لا يكتفي بنقد الواقع، بل يقدمه بمرآة فنية تُشعر القارئ أنه جزء من الحكاية لا مجرد متلقٍ لها.
كتب توفيق يوسف عواد رواية طواحين بيروت قبل اندلاع الحرب الأهلية، لكنه كأنه استشرفها من عمق التحليل الاجتماعي والنفسي، يرى أن الحرب لا تبدأ بالبندقية، بل بالفكرة حين تُسمم وتحرف، وبالعقيدة حين تتحول إلى قيد لا نور، الرواية تدق ناقوس الخطر حين كان لا أحد يسمع، وتعرض وطنًا على حافة الانهيار من الداخل.
ليس غريباً أن تُختار هذه الرواية ضمن أفضل مئة رواية عربية، أو أن تترجم إلى أكثر من لغة، لقد تجاوزت حدود الفن إلى دور الشاهد الصادق على مجتمع مشحون بالتناقضات، إنها ليست مجرد حكاية طلاب، بل حكاية وطن تاه في زحمة الطواحين.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية: