
للتواصل معنا
ملخص كتاب أطياف للكاتبة رضوى عاشور، بين نداءات الهوية وجراح التاريخ، تشهد رواية أطياف لرضوى عاشور على حكاية ممتدة عبر ثلاثة أجيال، ليست مجرد كتاب أطياف بل هي دفاتر حياة، وأصداء لامرأة تتقاطع حياتها مع مصائر أمة كاملة، في قلب القاهرة، تتعاقب الأطياف على ذاكرة "شجر" بطلة الرواية فتتداخل مع ملامح الكاتبة نفسها، هل هي شجر؟ أم أن شجر انعكاس لصورة رضوى التي تواجه عالماً متغيراً وظلالًا لا ترحل؟
كتاب أطياف لا يروّضه تصنيف، إنه رواية وسيرة ومقال فكري في آنٍ معًا، تحفر رضوى عاشور فيه الذاكرة الجماعية والفردية معاً، فتُعيد كتابة التاريخ من موقع الأنثى، الأم، الكاتبة، والمواطنة. وتارة تسألنا: من نحن إذا فقدنا القدرة على الحكي؟ وكيف ننجو إذا صارت الحكاية محاصرة بقمع الواقع وقسوة السلطة؟
تأتي أطياف رضوى عاشور وكأنها شريط سينمائي يعبر بين محطات القاهرة وبيروت وتونس والقدس، حيث الحكاية ليست ملكًا لشخص بل نسيج من أصوات وتجارب، نقرأ مأساة صبرا وشاتيلا كما لو أننا نراها تحدث الآن ونسمع أنين الفلسطيني المشرد، ونشعر باختناق التونسي في لحظة الثورة، ونلمس ارتجاف قلب رضوى وهي تكتب في الظل.
رواية أطياف تنفتح على الذات بجرأة لا تخلو من حنان، تستعيد الكاتبة علاقتها بزوجها مريد البرغوثي، وتُحيل تفاصيل العلاقة الأسرية إلى صفحات من الشهادة الإنسانية، فهل يمكن للحب أن يصمد أمام منافٍ السياسة وغياب العدالة؟ هذا ما تسأله الرواية بصوت شجر، وتترك الإجابة في قلب القارئ.
"شجر" ليست بطلة تقليدية، بل صوتٌ ثالث يراقب رضوى ويتداخل معها، هذا المزج بين الذاتي والخيالي، بين الكاتبة وشخصيتها، يخلق حالة فريدة تجعل القارئ لا يفرق بسهولة: من تروي؟ ومن تُروى؟ في كتاب أطياف، الخيال أداة لتكثيف الحقيقة لا للهرب منها.
في لحظة من لحظات السرد، تبدو شجر وكأنها تذوب في أطياف الربيع، هل قصدت رضوى بذلك "الربيع العربي"؟ وهل يمكن لكاتبة مثقلة بالذاكرة أن تتفاءل بثورات لم تكتمل؟ ربما لم تجب بشكل مباشر، لكنها كتبت عن الأمل بوصفه شجاعة، وعن الحلم بوصفه مقاومة.
أطيافٌ تلوح في الأفق!
أطياف الربيع في الرواية ليست أزهارًا تتفتح بل أرواحًا تنهض، في كل مشهد تلوح الأطياف: أطياف الأمل وأطياف الغياب وأطياف القهر وحتى أطياف الكتابة، وكأن كل جملة فيها تلمس شيئًا من طيف ما وتترك فينا رعشة من أثره.
تكتب رضوى عاشور بأسلوب لا يخلو من تساؤل، لماذا نكتب؟ لماذا نحكي رغم الألم؟ لماذا نتمسك بالذاكرة رغم ثقلها؟ أسئلة لا تُطرح صراحة دائمًا، لكنها تتسلل عبر جملها، تسكن صمت الفقرات، وتنغرس في أعماق القارئ.
في اطياف الربيع تتقاطع السير الذاتية مع سير الشعوب، كل شخصية في الرواية تمثل ظلًا لفكرة أو طيفًا لمأساة حتى الأمكنة لا تُذكر عبثًا، فهي رموز لجراح لا تندمل، فبيروت لا تُذكر إلا ليُستحضر الألم والقاهرة لتُعاش الخيبة وفلسطين لتتجدد المأساة.
كتاب أطياف عملٌ أدبي يُجبرك على التأمل، إنه تأريخ ذاتي لجراحنا الجمعية، نص مفتوح على التأويل، يفيض بالمشاعر الصادقة والأسئلة المؤرقة، هل هذا أدب أم شهادة؟ هل هذه سيرة أم احتجاج؟
ما لا شك فيه أن أطياف ليست رواية تُقرأ لتُنسى، بل تترك أثرًا كالندبة في الروح، وتظل تتردد في الذهن طويلاً بعد أن تُطوى الصفحات، هي نصٌ يصرخ بهدوء، ويحفر في وجدان قارئه.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية الطنطورية تأليف الكاتبة رضوى عاشور
رواية ثلاثية غرناطة تأليف رضوى عاشور