M3aarf Telegram

ملخص رواية الهلكوت | الجحيم عندما ينشق النبوءة

كتابة : أحمد خالد مصطفى

رواية الهلكوت من تأليف أحمد خالد مصطفى يقدم ملحمة روائية فريدة تجمع بين الأسطورة والتاريخ والفانتازيا، في حبكة مشوقة وشخصيات مدهشة وأحداث ترتكز على رموز دينية وغموض أسطوري يجعلها واحدة من أبرز روايات الكاتب.

ملخص الكتاب

رواية الهلكوت للكاتب أحمد خالد مصطفى، بينما تسير في ممرات الرواية  فأنت لا تمضي في سرد تاريخي ولا تعيش خيالًا صرفًا لكنك تُلقى في قلب ملحمة تُصاغ على إيقاع قديم يتسلل إلى أعماقك كأنها تحاكيك من شقوق زمن منسي يخرج من ظلمة الأرض ليُعيد كتابة الحكاية من أول السطر.

تقف رواية الهلكوت وحدها بثوب مختلف يخلع فيه الكاتب أحمد خالد مصطفى رداء السرد المباشر ليقدم عملًا مكتملاً في عناصره الروائية متين البناء متشابك الخطوط مشحونًا بالتاريخ والفانتازيا والأسطورة بأسلوب روائي صلب ناضج أكثر نُضجًا مما عُرف عنه سابقًا.

يلعب القارئ دور الشاهد كما في أنتيخريستوس ويُترك خارج المشهد لتدور الكاميرا داخل عالم الحكاية تسير الأحداث من خلال عين شيطانية ملعونة ترى وتُرينا وتحملنا من ممر إلى سرداب ومن مذبحة إلى مجلس حكم من زفرة امرأة تلد المسوخ إلى صرخات الجيوش في قلب الصحراء.

تبدأ رواية الهلكوت بمشهد افتتاحي غريب ومثير امرأة تلد فلا يأتيها ولد من لحم ودم بل غصن يتشعب إلى ثعابين حمراء تنتشر كالنار في الهشيم تهدم ملكًا وتبني آخر وتعلن بداية عصر لا يشبه ما مضى ولا ينبئ بما سيأتي بهذا المشهد تبدأ الملحمة وتُرفع أشرعة السرد نحو أحداث كبرى تستدعي التأمل والرعب معًا.

ثلاث شخصيات تشكل قلب رواية الهلكوت رجل عظيم بشر به السابقون وأوتي من الحكمة ما لا يُحصى وسُيِّر له الملك فأضحى محورًا للأحداث، ورجل آخر نبيٌ عند بعض وأسطورة عند آخرين تتقاطع مصائره مع الأول ويهديه في مواقف هي أشد ما يكون الإنسان فيها إلى النور، أما الثالثة فهي امرأة تحكم بقسوة امرأة لا تعرف الهزيمة ولا تعرف الرحمة تربطها بالأول علاقة مركبة تبدأ بالعداء وتنتهي بالتشابك العاطفي والوجودي.

تحيك رواية الهلكوت عدة خيوط درامية في آنٍ واحد كل خط له لغته وروحه وشخصياته وتفاصيله ثم تلتقي هذه الخطوط في مشاهد مفصلية تُفجِّر الحبكة وتعيد تشكيل السرد كأنك أمام نهر تتشعب مجراه ثم يفيض من منبعه مرة أخرى ليغرقك في ذروة تلو ذروة كل فصل يحمل انفجارًا كل نهاية تقودك إلى بداية أكثر سخونة وهكذا حتى تبلغ نهاية العمل دون أن تلتقط أنفاسك.

في قلب الصراع تظهر رموز روحية وتاريخية تؤسس لواقع بديل مليء بالمجاز في رواية الهلكوت ستشاهد أحداثًا لم تُذكرها الكتب السماوية بوضوح، لكنها تتكئ عليها وتتسلل من ظلالها وقائع ضخمة حدثت في أول الزمان وتستكمل في آخر الزمان، كأن الكاتب يبني بين الأسطوري والمقدس جسرًا ممتدًا عبر خيال شجاع يستند إلى جذور عميقة.

وما يميز رواية الهلكوت ليس فقط أحداثها المثيرة أو تقلباتها المتلاحقة بل طريقة رسم هذا العالم الذي يسكنه الجبابرة والخونة والسحرة والأنبياء والعشاق والموتى العائدون من باطن الأرض عالم يُنسج من دماء وأحلام وأطلال ونبوءات تُشبه الحقيقة لكنها لا تنتمي إلا إلى هذا العمل.

رواية الهلكوت عمل يعكس براعة الكاتب في التعامل مع المادة التاريخية وتطويعها روائيًا كما يعكس نضجًا في توظيف الرمز وتحويله إلى وقود للسرد إذ استطاع أحمد خالد مصطفى أن يزاوج بين خيال جبار وتخطيط محكم ووعي بالتراث فخرج بعمل ملحمي يستحق أن يُقرأ مرات لا مرة واحدة، فالرواية ليست مجرد نص إنها عاصفة فكرية وأدبية تقودك إلى قعر الجحيم ثم تمنحك في النهاية ضوءًا صغيرًا يشبه الأمل أو يُشبه الخلاص.