
للتواصل معنا
ملخص رواية عناق برائحة الورق للكاتبة منى سلامة، في زمنٍ تصبح فيه الكلمات جريمة، وتُراقب الأحرف كأنها خناجر موجهة نحو صدر السلطان، لا يعود للحب طريق واضح، لكن، ماذا لو كان العناق لا يحمل إلا رائحة الورق؟ وهل يستطيع هذا الورق أن يهزم القيود؟ رواية عناق برائحة الورق تطرح هذا السؤال الكبير، وتنسج منه حكاية تتجاوز الواقع وتغزل الممكن من المستحيل.
في عالم متخيل لا يشبه الواقع إلا لأنه مرآته المتطرفة، تستشري سلطة تدعى "شرطة رقابة الأبجدية"، هذه الجهة الغامضة تتحكم في الكلمات المسموح بها، وتصادر ما لا يتماشى مع فكرها من الألفاظ والخواطر، في هذا المناخ البوليسي المشبع بالقمع، لا يُسمح للقلوب أن تُفصح، ولا للألسنة أن تُحب، ولا حتى للدفاتر أن تحلم، رواية عناق برائحة الورق تصنع من هذا الرعب نسيجًا سرديًا بديعًا يختلط فيه الواقع بالخيال، والحرمان بالشوق، والمقاومة بالحب.
تدور أحداث الرواية حول رانيا، كاتبة مصرية صاعدة تتلمس طريقها وسط جدران مصمتة من العادات والسلطة، تقابل مراد، الكاتب اللبناني، صدفة القدر التي تأبى أن تمر دون أثر، يجمع بينهما الحرف، لكنه يفصلهما القمع، ومع ذلك، فإن رواية عناق برائحة الورق لا تخضع لقوانين الواقع الصارمة، بل تفتحه على الاحتمال، فيلتقيان، ويكتبان، ويصمدان أمام رياح الرقابة.
في كل صفحة من صفحات رواية عناق برائحة الورق، ينبض سؤال عميق: هل يمكن لحرف أن يشعل ثورة؟ الإجابة لا تأتي شعارات، بل مواقف، الكاتبة منى سلامة تجعل من العناق رمزًا ومن الورق جبهة صامتة، فحين يُغلق الفم بالقوة، تصبح الرواية وسيلة للنطق، تصبح الأوراق ساحة معركة، ويصبح الحب فعل مقاومة، هذه العلاقة التي تبدأ برقة، تتطور شيئًا فشيئًا حتى تتحول إلى صرخة كاملة في وجه الاستبداد الأبجدي.
ما يُميز رواية عناق برائحة الورق ليس فقط فكرتها الجريئة، بل لغتها التي تمشي على خيط رفيع بين الرومانسية والفانتازيا، الكاتبة تمزج بين الواقع والخيال دون أن تتخلى عن إنسانية الشخصيات، هناك حرارة في الكلمات رغم برد القمع، هناك شوق متوهج رغم صمت البنادق، وهذا ما يجعل الرواية ليست مجرد عمل عاطفي بل قطعة أدبية تنتمي لعصرها، وتقاومه في الوقت ذاته.
في الفصل الأخير، لا تنتهي الحكاية بقبلة ولا بانتصار، بل بانكسار الحاجز الداخلي الذي طالما حبس الشخصيات داخل خوفها، فهل يكفي أن تُكتب الحقيقة كي تتحرر؟ وهل يكفي أن يُقال الحب كي يُعاش؟ رواية عناق برائحة الورق لا تجيب، لكنها تدفع القارئ إلى البحث، إنها قصة انتصار الضعف الإنساني حين يؤمن بقدرة المعنى على خرق الجدران.