من تأليف جورج أورويل
نبذة عن المؤلف
جورج أورويل(تسميته الحقيقية:"إريك آرثر بلير.") (25يونيو1903-1950)كاتب بريطاني,كان صحفيا وناقدا وروائيا. لنشأته دور كبير في ثقل ذاته,و رسم ملامحه الفكرية التي نعرفه عليها.ولد أورويل بمدينة موتيهاري في إقليم البنغال الهندي آنذاك،في أحضان عائلة من الطبقة الوسطى,أو كما أسماها "الطبقة الوسطى العليا الدنيا".و أسهب شارحا,أنهم من الطبقة الوسطى لأنهم منها بالفعل,و العليا لأنهم يرومون ذلك,بيد أنهم لايملكون المال فهم من الدنيا.وسرعان ما أرسل هو ووالدته,وشقيقته الكبرى"مارجوي"إلى بريطانيا.فنشأ هونلي أون تيمز,عاصمة مقاطعة أكسفورد شاير.بدت على أرويل علامات النبوغ في سن مبكر,ولكن حساسيته و تحظه الاجتماعي كانا يحولان بينه وبين تجلي هذه العبقرية.لم يبرع صاحبنا في الدراسة,لكن رحلته مع الكلمات بدأت مبكرا,فكتب قصيدتين نُشرتا في الصحيفة المحلية،أحدهما وطنية في عمر الحادية عشرة.وكوفئ لنبوغه الفريد بمنحتين دراسيتين بمدرستي ويليغنتون وإيتون، وكانت إيتون مدرسة إنجليزية مرموقة وعريقة، فدرس في البداية في ويليغنتون لفترة قصيرة, فالتحق بصاحبتها في سن الـ13 عاما وبقي فيها حتى بلغ الـ18 من عمره، لكنه لم يتخرج منها بتميز، ومن ثم لم يكمل دراسته الجامعية،وحال الفقر بين أورويل و بين استكمال تعليمه.
ولم يأس أوريل لهذا أبدا, فقد أولى للمطالعة اهتماما أكبر مما أولاه للدراسة.التحق بالشرطة الإمبراطورية، وخدم فيها طيلة 5 أعوام،وحدث ما لم يكن في الحسبان,فقد خرج أورويل من خدمته ثائرا على الإمبريالية وأعوانها واستبدادية الحكم الشمولي,بل ونصيرا للديموقراطية الاشتراكية.ومن هنا بدأ أورويل شوطا جديدا في حياته,ككاتب يساري مناهض للاستبداد والشمولية,و ذو هوا اشتراكي.لم تجد الكتابة لأورويل مايكفي لكسب قوت، فانتقل إلى فرنسا، حيث عمل في وظائف بسيطة، منها غاسل أطباق في المطاعم، وكتب قصصا وروايات لكنها لم تتوج بالنشر.وأواخر عام 1936 سافر إلى إسبانيا، وقاتل بنبل مع قوات المعارضة الجمهورية ضد القوميين، في الحرب الأهلية في إثر الثورة على فرانكو.
وأثخن جسده بالجراح, وقاتل ضد الشيوعيين في برشلونة،و عاد أدراجه مؤثرا حياته التي ههددها الشيوعيون، الذين قمعوا ثوار الاشتراكية، فحوّلته تلك التجربة إلى محارب للستالينية المستبدة مدى الحياة.و هنا تبلورت صورة صاحبنا "أورويل" الذي نعرفه, عدوا-جاهرا للاتحاد السوفييتى، معتبرًا أنه لم أهان الاشتراكية الحقيقية، بل كان حكمًا استبداديًا يتضاد الحرية الفردية، وبين أورويل أن الاشتراكية الحقيقية تسعى لإنهاء الطغيان وليس فقط انتقاده.فى مقاله الشهير "لماذا أكتب" (1946)، كشف "أورويل" للقراء أن كل أعماله منذ عام 1936 كانت مسخرة ضد الشمولية ومن أجل الاشتراكية الديمقراطية كما يفهمها.
بيد أنه كان عدوا صريحا الحادة للاتحاد السوفييتي، لم يتخلَّ أورويل عن الاشتراكية قيد أنملة، بل زاد تمسكه بها بعد أن تبين له كم فظائع الاستبداد الستاليني، مشيرا أن الاشتراكية الحقيقية تكمن في تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية بعيدًا عن الطغيان.في أغسطس/آب 1945، نشر جورج أورويل روايته "مزرعة الحيوان"، وهي رمزية-ديستوبية مناهضة للشيوعية، واجه صعوبات في الحصول على ناشر لها، لتحالف بريطانيا آن ذاك مع الاتحاد السوفيتي.في «مزرعة الحيوان» يبدو كل شئ واضحا, تبدو كل الرموز واضحة، وكل الإسقاطات جلية، بل عايشها الجمسع و رآها رأي العين، وهي تتكرر على الدوام: لذاك لن يخفت ضوء هذا العمل أبدًا. تعرض العمل لعمليات متلاحقة من المنع و الاغتيال,و لكنها فشلت بالطبع في أن تخفض نوره الساطع. اعتمد أسلوب جورج أورويل في مجمل أعماله على نهج مباشرٌ جدًا، وصحفيٌّ بعض الشيء . فهو لا يستخدم التلميحات أو الاستعارات المُطوّلة. عاش صاحبنا المناضل آخر أيامه في مزرعة مقفرة نائية مع ابنه بالتبني وشقيقته، ومات بالسل في الـ46 من عمره عام 1950.وكان جورج قد أوصى بألا تكتب له أي سيرة ذاتية، فطبقت أرملته سونيا تلك الوصية، وحاولت جاهدة أن تصد محاولات المهتمين بسيرته الذاتية.