من تأليف هرمان هسه
نبذة عن المؤلف
الروائي الشاعر الألماني السويسري هرمان كارل هسه (1877-1962).تمحورت كل منتجاتهه الفكرية على سبر أغوار النفس البشرية,أخضع ذاته لعلاج نفسي حتى يستعيد بهجة الوجود في خلده.
كان هرمان متمردا بطبيعته ٬ يميل إلى الخيال ٬ ويتمسك بكل فكرة واردته٬ ويخلق لنفسه عالما منفصلا يكزن حاكمه هو وحده ٬وقد تمرد أول ما تمرد على البيت وجوه الصارم ٬ ثم تمرد بعد ذلك على المدرسة.فقد دفعه والده إلى المدرسة اللاتينية (المدرسة الاولية)في كالف فبقى فيها أربع سنوات حتى عام (1890) .ثم انتقل بعد ذلك إلى جمنازيوم (المدرسة الثانوية) جوبنجن.يقول هرمان هيسه عن المدرسة في ذلك الوقت «لم أجد طوال الاعوام الثمانية التي قضيتها في المدرسة إلا مدرسا واحد فقط أحسست تجاهه بالحب والامتنان» كانت المدرسة في نظره هي العدو الذي يهجم عليه ويريد ان يفسد عليه حياته وموهبته. كان يريد أن يندمج في الطبيعة وأن تحتضنه كائناتها ليعي حديث الزهور والحشرات والفراشات ٬ويتأمل الشجرة وهي تنمو والحيوان وهو يكبر ويعيش الطبيعة.
بدا افتتان هرمان بالشعر جليا, وقد كتب عن ذلك يقول:«لقد تبينت بوضوح عندما بلغت الثالثة عشرة من عمرى اننى أما انا أصبح شاعرا أديبا أو لا أصبح لا شيئا على الإطلاق»
ومع تفاقم أزماته الدراسية خروجه من المصحة النفسية التي زج به فيها,وقد بلغت الأمور ما لم تبلغه من قبل «إحساس بالعزلة رفض للدين رفض التقاليد رفض للدنيا» وبعد عدة زيارات مطولة للمصحات النفسية، أشاح والد هرمان الطرف عن الدراسة,وأرسل ابنه إلى ليكسب قوت يومه فعمل في ورشة لتصليح الساعات من عام (1894-1895) ٬ الغريب سكون نفس هرمان للعلم و ابتعادها عن الجنوع للاضطراب ٬وعرف السبيل إلى الخلاص. وفي (عام 1895) استقر هرمان في توبنجن للعمل في مكتبة بها. ولكن أولى القراءة أشد الاهتمام إلى جانب التثقيف وتطوير ذاته, أسلوبه ومفاهيمه الفلسفية والجمالية. وبعدها ترك الوظيفة وحصل على وظيفة مشابهة في بازل. وفي بازل اتصل بالمؤرخ فاكر ناجل وعرفه بعدد من رجال الفكر.وكان هذه المرحلة الفصلة من حياته التي صنعت لنا هرمان أديب نوبل. ولكنه أخذ يختبر في المدينة السويسرية هذه حرية الشاعر الذي يختلي بنفسه في أرجاء الطبيعة الغناء التي تحيط ببازل، ويتنزه في أحيائها وشوارعها وحدائقها يكتشف أحاسيسه ويرصد انفعالاته ويدون انطباعاته. وما إن أقنع الناشر صمويل فيشر بنشر روايته "بيتر كامنتسيند" (Peter Camenzind) حتى بدأ يقطف ثمار الشهرة ويجني أرباح ما ينشره متفرغاً كلياً للكتابة الرواية أصبحت شعبية جداً في ألمانيا، وجلبت الشهرة لهسه ومكنته من كسب العيش ككاتب، وأشاد بها سيجموند فرويد واعتبرها واحدة من الروايات المفضلة لديه.إثر اندلاع الحرب العالمية الأولى، تطوع هسه في سفارة ألمانيا بمدينة برن، أما مواقفه السياسية، فأفصح عنها بجرأة منقطعة النظير، إذ أعلن على الملأ أن المثقفين الألمان ينبغي أن يكفوا عن المشاحنات القومية التي لا طائل فيها. غير أن كلامه لم يلق الآذان الصاغية، فهبت معظم النخبة الألمانية تهاجمه وتقرعه وتندد بآرائه، لا سيما بعد أن نشر مقالته الشهيرة "ليس بهذه اللهجة، أيها الأصدقاء!"انى هسه الأمرين من جراء تخلي الأصدقاء الألمان عنه، مع أن شخصيات مرموقة أعربت عن تأييدها ومناصرتها، من مثل الأديب الفرنسي رومن رولان (1866-1944) والسياسي الألماني تيودور هويس الذي انتخب رئيساً على جمهورية ألمانيا الاتحادية (1949-1959). لم يكتف هسه بهذا القدر من المعاناة، بل أصابته مضايقات أخرى، لا سيما داخل أسرته.في (عام 1927) نشر روايته الذائعة الصيت "ذئب السهول" (Der Steppenwolf) التي حظرتها الرقابة النازية لاحقاً، ولكنها انتشرت انتشاراً واسعاً لا سيما في الأوساط الأميركية. رواية "ذئب السهول" جعلته يخالط بعض الأوساط الأدبية الأوروبية. أما روايته الأخيرة "لعبة لآلئ الزجاج" (Das Glasperlenspiel)، فاتسمت بالخيال الطوبوي يرسم فيها شخصية المعلم والقائد الروحي يوسف العبد الخادم (Josef Knecht) الذي أتقن فن لعبة الكتل الزجاجية، واضطلع بمسؤوليات التنوير الفكري في مدينة خيالية من القرون الوسطى. بفضل الإبداعية الأدبية المتجسدة في هذه الرواية، نال هسه جائزة نوبل في الآداب إكراماً لأعماله النثرية والشعرية.