
للتواصل معنا
ملخص رواية نوح المذبوح للكاتب حسن الجندي، هل يمكن أن تعيش الحكاية في زمنين مختلفين وتبقى متماسكة؟ هل يستطيع بطل واحد أن يحمل ذاكرة قرون من الألم والغموض؟ في رواية نوح المذبوح نقترب من الإجابة ونحن نعبر بين ضفتي الأسطورة والواقع، بين قرية مصرية تدعى أبو الغيط وزمن ضبابي تهيمن عليه الرموز.
رواية نوح المذبوح تضعنا أمام حكاية متعددة الطبقات، يجمعها خيط واحد هو شخصية نوح. لكن هذا "نوح" ليس كما عهدناه في القصص الدينية أو الحكايات الشعبية. بل هو شخصية حديثة تتجول بين الأزمنة، حائرة بين إرثها الإنساني وثقل الرسالة التي تحاول أن تعيد صياغتها في واقع يزداد تشوشًا. الفكرة الأساسية للرواية كانت واعدة، بل مشوّقة، لكن البناء لم يرتق دومًا إلى مستوى هذا الوعد.
أبرز ما يميز رواية نوح المذبوح هو اللعب الزمني، فهي لا تدور في إطار خطي بل تتنقل بين زمنين، يحضر فيهما البطل ذاته ولكن بتجليات مختلفة. المشكلة أن هذه المراوحة أضعفت أحيانًا من التماسك الدرامي، وبالتحديد في رسم شخصية نوح. لم يكن البناء النفسي له كافيًا ليجعل القارئ متعلقًا به، أو متفهمًا لتحولاته. كان من الأفضل أن يُعطى نوح بعدًا داخليًا أقوى، خصوصًا أنه محور الرواية وأحد رموزها.
وعلى الرغم من هذه الثغرات فإن رواية نوح المذبوح لا تخلو من لحظات لامعة، حين تتسارع الأحداث يرتفع الإيقاع وتصبح الصفحات أكثر إثارة، هناك نوع من التباين الغريب في نبض الرواية فهي تبدأ ببطء وربما بشيء من الرتابة ثم تنهض فجأة وكأنها انتبهت إلى ما غفلت عنه، هذه التفاوتات في الإيقاع يمكن أن تزعج القارئ في البداية، لكنها تُكافَأ لاحقًا بتطور درامي جيد.
شخصيات الرواية تحمل ثنائية واضحة بين الخير والشر. ولعل الشخصيات الشريرة هي الأكثر بروزًا وتأثيرًا. فقد جاءت محكمة البناء، عميقة التأثير، ونجحت في خطف الأضواء. ورغم أن الشخصيات الطيبة كانت حاضرة بقوة، إلا أن الصراع الحقيقي والجاذبية الدرامية كانت من نصيب قوى الشر. هنا يتجلى أحد أوجه تميز رواية نوح المذبوح في التوازن الدقيق الذي صنعته بين النقيضين.
أما أسلوب الكاتب في هذه الرواية، فقد اختلف عن أعماله السابقة مثل الجزار، هناك محاولات واضحة لتقديم لغة أكثر نضجًا، لكنه لم يخلُ من لحظات ضعف، أحيانًا يسود شعور بالملل أو التكرار، وأحيانًا أخرى يتوارى الصوت الخاص خلف حبكة متأرجحة. ومع ذلك، فإن الأسلوب يحمل لمسات من التجريب والبحث عن صوت جديد، وهذا في حد ذاته تطور يُحسب له.
رواية نوح المذبوح ليست مجرد عمل سردي، بل تجربة فكرية وروحية تدفعك للتساؤل. من هو نوح في هذا الزمن؟ هل يمكن للرموز أن تُبعث من جديد؟ وهل نحن مستعدون لسماع أصوات الأزمنة القديمة وقد تقاطعت مع واقعنا المعيش؟
ومع ختام الرواية نشعر بأنها تحتاج إلى جزء ثانٍ يكمل ما بدأ. فثمة خيوط لم تُحسم بعد، وثمة غموض ما زال يلوح في الأفق، إنها بداية لرؤية سردية أوسع، ونتمنى أن يأتي الجزء القادم أكثر نضجًا وعمقًا.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
ملخص رواية مدينة الموتى من تأليف الكاتب حسن الجندي
رواية في حضرة الجان من تأليف الكاتب حسن الجندي
ملخص رواية تويا من تأليف الكاتب أشرف العشماوي