
للتواصل معنا
ملخص رواية الزمن الموحش للكاتب حيدر حيدر، في زمنٍ لم يعرف للعروبة نصرًا إلا في الخطابات، تأتي رواية الزمن الموحش لتصرخ باسم الحقيقة المنسية، تلك التي دفنت تحت ركام نكسة 1967. كتبها حيدر حيدر كمن يُفرغ كل وجعه على الورق، فجاءت الرواية مرآةً صدئة لزمن خائب ومثقف مهزوم ووطنٍ لا يشبه ذاته. إنها رواية لا تهدأ ولا تُجامل، بل تنكأ الجراح وتفتح الأسئلة على مصراعيها.
رواية الزمن الموحش لا تسرد حدثًا بقدر ما تُعرّي شعورًا، شعور العربي الذي ظن أنه أقرب إلى المجد، فإذا به يسقط في الحفرة. تدور الأحداث في شوارع دمشق تحت ظلال جبل قاسيون، لكنها تنزف وجعًا يمتد من بغداد إلى بيروت، من الخيبة الفردية إلى الانكسار القومي. هناك لا معنى للزمن، لأن كل لحظة فيه هي مراوغة بين الوجود واللاوجود.
رسم حيدر حيدر في رواية الزمن الموحش صورة قاتمة للمثقف العربي. هو مثقف يعيش على فتات الفكر، مكسور من الداخل، متحرر بالقول مكبوت بالفعل. يرتدي ثوب الثائر لكنه يختبئ خلف أقنعة الخوف والازدواجية. لذلك لا يملك شجاعة الفعل ولا نزاهة الموقف، وما بين تمرده وخنوعه تولد خيبات لا تنتهي. وربما كانت هذه الرؤية سبب تصنيف الزمن الموحش كواحدة من أكثر الروايات جرأة وتشريحًا للواقع العربي.
منى، الحبيبة الوحيدة في الرواية، ليست مجرد امرأة بل تجسيد لوطن يُغتصب كل يوم على يد من يدّعون حمايته. كانت صورة الوطن الأنثى حاضرة بقوة، لكنها هنا ليست أنثى ضعيفة، بل أنثى ثائرة تمقت الكذب والرجولة المزيفة، فتهجر دمشق لأنها لم تعد تحتمل هزيمة أخرى. عبر هذه الشخصية، عبّر الكاتب عن رؤيته العميقة: لا تحرر حقيقي لوطن دون تحرر المرأة من أوهامها ومن سجون الرجل والمجتمع.
رواية الزمن الموحش لا تعيد تجسيد نكسة حزيران فحسب، بل تحاكم آثارها. فالخسارة هنا لم تكن فقط خسارة الأرض، بل كانت سقوطًا أخلاقيًا وإنسانيًا. الرواية لا تصرخ من هول الهزيمة العسكرية بل من فداحة الكذب، من مأساة الهروب من الذات، من تواطؤ الشعارات الزائفة. لذلك بدت الرواية صادمة في صراحتها، عاصفة في لغتها، لا ترحم القارئ ولا تتركه دون أسئلة.
تتغلغل الرمزية في كل سطر من رواية الزمن الموحش، فتتماهى الفلسفة مع الشعر، وتتحول الحياة إلى سؤال مفتوح على الهاوية. تطرق الرواية موضوعات كبرى كالحب والعدم، الميتافيزيقا والحرية، لكنها لا تقدم إجابات بقدر ما تكشف هشاشة الأسئلة نفسها. وهذه اللعبة السردية الجريئة جعلت من الرواية علامة فارقة في مسيرة الرواية العربية الحديثة.
لغة حيدر حيدر في رواية الزمن الموحش قاسية، حادة، تنبش الروح بلا رحمة. لا يهادن ولا يراوغ، بل يكتب كما يعيش، متمردًا على القوالب، حالمًا بعالم لا يُقاس بالمسافات بل بالكرامة. وربما لهذا السبب نُعت الكاتب بـ"الملعون"، لأنه رفض التدجين واختار الصدق كطريق وحيد.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية وحدها شجرة الرمان للكاتب سنان أنطون
رواية ترنيمة سلام من تأليف الكاتب أحمد عبد المجيد