ملخص كتاب العقد الاجتماعي | ميلاد الشرعية السياسية

المؤلف : جان جاك روسو

كتابة : ياسر مرعي

كتاب العقد الاجتماعي أو مبادئ الحق السياسي من تأليف جان جاك روسو هو نص فلسفي وسياسي محوري أسس لمفهوم سيادة الشعب والإرادة العامة ومهد للثورة الفرنسية بإعلائه قيمة الحرية المدنية والعدالة.


ملخص الكتاب

ملخص كتاب العقد الاجتماعي للفيلسوف السويسري جان جاك روسو، أحد أهم الأسفار الفكرية في عصر التنوير، حتى أنه اتُّخذ إنجيلاً للثورة الفرنسية، بعد سقوط الشرعية الدينية كأساس للحكم، أصبح من الضروري البحث عن ميثاق شرعي بديل ينظّم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ينطلق روسو من فكرته الشهيرة: "ولد الإنسان حراً وهو في الأغلال حيثما كان"، يقوم مذهبه على أن الإنسان صالح بطبيعته، محباً للعدل والنظام، لكن المجتمع يفسده ويسلبه حريته الطبيعية، إذن، كيف يمكن للإنسان أن يسترد حريته في ظل المجتمع؟ هنا يطرح روسو فكرة العقد الاجتماعي كحل لإنشاء مجتمع عادل يقوم على موافقة المحكومين.

 

من الحرية الطبيعية إلى الحرية المدنية

تبدأ نظرية العقد الاجتماعي لدى صاحب كتاب العقد الاجتماعي، روسو، بالمفهوم الافتراضي لـحالة الطبيعة، حيث يكون الأفراد أحراراً ومتساوين، لكنهم يواجهون مخاطر الصراع وانعدام الأمن، ولعل خروج الإنسان من هذه الحالة لم يكن اعتباطياً، بل نجم عن حاجة الجميع إلى الأمن وحفظ البقاء، يرى روسو أن الإنسان لا يمكن أن يتنازل عن حريته إلا من أجل منفعته، وأن التخلي عن الحرية هو تخلٍّ عن صفته كإنسان وعن حقوقه وواجباته.

يصبح كتاب العقد الاجتماعي هو الاتفاق الواعي الذي بموجبه يتنازل الأفراد عن حريتهم الطبيعية الأنانية لصالح الإرادة العامة (التي هي إرادة الكل الجمعي)، ليحصلوا بالمقابل على الحرية المدنية والحماية والحفاظ على النظام، في هذا الانتقال، تحل العدالة محل الغريزة، وتصبح أفعال الإنسان أخلاقية، يكتسب الإنسان في الحالة المدنية أيضاً الحرية الأخلاقية التي تجعله سيد نفسه، حيث أن إطاعة القانون الذي نُلْزِمُ به أنفسنا هي الحرية، إن ملخص كتاب العقد الاجتماعي هو أن السيادة تقع على عاتق الشعب الذي يمنح الحكومة حق تمثيله.

 

الإرادة العامة وسيادة الشعب

إن الهدف من هذا العقد هو حفظ حقوق كل فرد، ولذلك يجب أن يُبنى المجتمع على عقد يتضمن تنازل المرء عن شخصيته وجميع حقوقه لمجتمعه، وكل من يريد أن يكون مواطناً يجب عليه أن يضع شخصه وكل سلطته تحت تصرف وإدارة الإرادة العامة، إن من هو مؤلف كتاب العقد الاجتماعي، روسو، يرى أن هذه الإرادة العامة لا تخطئ، وتهدف دائماً إلى الخير العام، لأنها إرادة صائبة ونافعة نفعاً مطلقاً، وبموجب هذا الميثاق، فإن الشعب وحده هو صاحب السيادة، والحكومة هي وكيل عن هذا الشعب، وليس العكس.

ويترتب على ذلك مبدأ هام: بما أن المواطنين جميعاً قرروا بملء إرادتهم أن ينظروا إلى الشرائع على أنها صادرة عن إرادتهم، فإنهم عندما يخضعون لها، فإنهم يخضعون لأنفسهم، ولذلك، لا يستطيع المواطن أن يعتبر أية شريعة ظالمة بحقه، لأن القاعدة تقول: "لا ظالم بحق من يرضى"، هذا التنازل هو ما يحقق المساواة الأخلاقية والشرعية بين الجميع، رغم تفاوتهم في القوة والذكاء.

 

نقد النظرية وتأثيرها الدائم

يرى روسو أن هدف كل نظام اجتماعي وسياسي هو حفظ حقوق كل فرد، ولكن هذا الهدف لا يخلو من التحديات، يقر روسو بأن العقد الاجتماعي قد يواجه غموضاً، خصوصاً عندما يقرر بأن على الأقلية أن تنصاع لرغبة الأغلبية، حتى تتحقق الحرية للجميع، وقد وجه لهذه النظرية انتقادات عديدة، حيث رأى البعض، مثل برتراند راسل، أنه لا وجود للعقد الاجتماعي لأن الفرد لا يملك الخيار بين الحالة الطبيعية والدولة، بينما رأى آخرون، مثل مورايروثبارد، أن الدولة نشأت من خلال الغزو والاستغلال، لا من خلال عقد طوعي، ومع ذلك، فإن تحميل كتاب العقد الاجتماعي يعد أساسياً لمن يريد فهم أسس الفلسفة السياسية الحديثة والديمقراطية، حيث ساهم فكر هذا الفيلسوف، وهو من مؤلف كتاب العقد الاجتماعي، في النضج الإنساني الذي غير مجرى الأمور في أوروبا إبان عصر الأنوار.