
للتواصل معنا
ملخص رواية بنسيون عجب هانم للكاتبة منى سلامة، في شارع خافت الظلال بين أزقة المدينة القديمة التي تخفي أسرارها خلف النوافذ الموصدة، يقع بنسيون عجب هانم، لا هو فندق فاخر ولا مأوى للفقراء، بل هو مسرح للحياة بكل ما تحمله من عبثٍ وجنون، رواية بنسيون عجب هانم تفتح أبواب ذلك البنسيون العجيب، وتدعونا للدخول دون استئذان كي نشهد حفلة من العقول المختلفة والقلوب المتشظية التي تشبهنا جميعًا بطريقة أو بأخرى.
في رواية بنسيون عجب هانم، لن تجد الأبطال بالشكل المعتاد، فالشخصيات هنا ليست شخصيات، بل أطياف تتحرك بين الواقع والخيال، كل نزيل يحمل داخله حكاية غريبة، فيهم من جاء هاربًا من ماضٍ ثقيل، ومنهم من جاء يبحث عن دفء مفقود، رغم التناقضات، تنسج بينهم روابط حريرية لا تراها العين ولكن تشعر بها الروح، شخصيات الرواية تجمع بين جنون العالم وعقلانية القلب، فهل يا ترى هؤلاء عقلاء في ثياب المجانين، أم مجانين أدركوا الحقيقة فصمتوا؟
هي ليست بطلة بالمعنى التقليدي، ولا مجرد صاحبة بيت، عجب هانم هي ظلٌ يرعى هذه الأرواح المتعبة، شخصيتها لا تهيمن ولكنها تحضر في كل تفصيل، بيتها أصبح مأوى لهم، ليس فقط من برد الشوارع بل من جفاف الروح، عبر هذه الشخصية ترسم الكاتبة منى سلامة رؤية خاصة حول مفهوم "الاحتواء"، إذ يتحول المكان من مجرد سقف إلى كيان حي يستمع ويشعر ويضمد.
تقدم رواية بنسيون عجب هانم مشاهد متلاحقة من يوميات متقاطعة، وكأنها مختبر تحليلي للنفس البشرية، الكاتبة لا تحاكم أحدًا، بل تراقبهم بعدسة إنسانية، كل نزيل يبدو كمرآة يعكس قلقًا ما، أو وحدة خفية، عبر شخصياتها المتنوعة، تطرح الرواية أسئلة عن الهوية، القبول، والانتماء، هل يولد الإنسان غريبًا أم تجعله الحياة كذلك؟ وهل يحتاج المرء إلى عقل سليم أم قلب دافئ كي يعيش في سلام؟
ما يُميز رواية بنسيون عجب هانم هو أسلوبها الذي يجمع بين العبث والجدية، هناك نَفَس ساخر، لكنه ليس للتهكم بل للتخفيف، الأحداث تجري في نسق مدهش، لا يصيبك بالملل، ولا يمنحك إجابات مباشرة، فكما أن النزلاء يخفون حكاياتهم، تخفي الرواية نواياها، هي لا تدعي الفهم الكامل، بل تعرض البشر كما هم، بلا تزييف أو افتعال.
تُخالف الرواية النمط التقليدي في النهاية، لا ذروة درامية ولا ختام حاسم، بل تُترك الخيوط مفتوحة، كأن الكاتبة تدعوك لتكمل الحكاية بنفسك، إنها تقول لك: اقرأ كي ترى، وفكّر كي تفهم، في النهاية، أنت أيضًا نزيل من نزلاء هذا البنسيون الكبير الذي يُدعى الحياة.