للتواصل معنا
ملخص كتاب جسمك لا يكذب للكاتب أنيس منصور، هل يمكن لجسدك أن يكون كتابًا مفتوحًا يروي ما تخفيه الروح؟ كتاب جسمك لا يكذب عمل ثقافي عام شديد التنوع والتداخل بين الموضوعات، ينطلق من فكرة جوهرية: أجسامنا هي الشيء الشخصي الوحيد الذي يختلف فيه البشر، وهي وسيلتنا الوحيدة لمعرفة العالم والتأثير فيه. إن كتاب جسمك لا يكذب ينظر إلى الجسد كأرشيف، وملعب، ومعمل، ومقبرة أيضًا، وهو ليس مجرد آلة بيولوجية، بل ذاكرة حية تختزن الحزن والخيبات.
نحن نتشابه في كل شيء: أفكارنا وعاداتنا ولغتنا وملابسنا الجاهزة وملابسنا التفصيل. لكننا نختلف في أجسامنا، فأجسامنا هي الشيء الشخصي الوحيد الذي يميز كل فرد. في كتاب جسمك لا يكذب، يتحدث أنيس منصور عن هذا التميز، وعن أن الجمال مجموعة أشياء مختلفة ولكنها في النهاية مؤتلفة، فالجمال ليس نغمة ولكنه لحن. كما يؤكد أن الجمال نسبي، فالذي نراه فاتنًا لا تراه شعوب أخرى. الإنسان يرفض الاستسلام لجسده دون أن يدخل عليه التعديلات التي تحتمها الرغبة في الامتياز عن الآخرين.
يأخذنا كتاب جسمك لا يكذب في جولة حول عادات الشعوب وأفكارها المختلفة، وعلامات الجمال من مكان لآخر. لكنه يركز على أن الجسم لا يكذب أبدًا. من هم الذين لا يكذبون؟ الموتى والأطفال والحيوانات والبدائيون. لكننا كلما تقدمنا تعلمنا كيف نخفي مشاعرنا وكيف نزيف الأقنعة. طريقة جلوسنا أو مشيتنا أو حتى نبرة الصوت تعكس حالتنا الداخلية أكثر مما تفعل الكلمات، فالجسد يكشف ما نحاول إخفاءه، وهو الصديق الأكثر صدقًا.
هل لاحظت الإسراف في تناول العقاقير والمنبهات بعد الحرب العالمية الثانية؟ يفسر كتاب جسمك لا يكذب هذه الظاهرة. لماذا كل هذه العقاقير ولماذا بهذه الكثرة؟ والذي يندهش لهذه "الدوخة" التي ينشدها الإنسان لا يفهم طبيعة الإنسان. فالإنسان يتعاطى هذه المخدرات طلبًا للراحة أو هربًا من الواقع الذي يعيشه. إنه يزيف لنفسه عالمًا آخر، أو هو نوع من الاحتجاج على الواقع الذي يحتم علينا اليقظة وأن يكون لنا دور. هذا الإدمان كان وسيلة هروب الشباب كفرًا بالسياسة وإلحادًا بقوانين المجتمع.
لا يتوقف كتاب جسمك لا يكذب عند الجسد فقط، بل يتحدث عن الأزياء والموضة. يرى أنيس منصور أن الموضة تبدأ من فوق، ثم تقلدها الطبقة الوسطى التي تتطلع إلى الطبقة الأرستقراطية وتحلم. الموضة معناها التغيير الذي يطرأ على الأزياء لفترة قصيرة، ولابد أن تكون مفاجئة وصادمة للذوق العام. ويكشف الكاتب عن مفهوم عميق: وراء كل رغبة في تغطية الجسم الإنساني، رغبة أعمق في كشفه وتعريته، ولذلك كانت الموضة هي الأسلوب الذي يحقق الرغبتين في آن واحد.
يقتحم أنيس منصور في كتاب جسمك لا يكذب بعض الموضوعات الدينية والروحية. يذكر أن كل الأديان تدعو إلى الاعتدال والزهد وتغليب الروح على الجسد، فالجسد أحط والروح أسمى. كل الديانات تفرق بين النفس والروح، فالنفس هي التي تأمر بالسوء، والروح هي القوة النبيلة التي تسيطر على نزعاته الشريرة. وكلما أفلح الإنسان في السيطرة على جسمه، كان أعقل وأطهر وأنبل. يذكر الكاتب أيضًا أصل بعض الأطباق الشهيرة كـ"أم علي" و"الكرواسون"، ويأخذنا إلى حياة الرهبان في سريلانكا.