
للتواصل معنا
ملخص كتاب فن أن تكون دائما على صواب للكاتب أرتور شوبنهاور، لا يجد القارئ نفسه في هذا الكتاب أمام دعوة إلى الحكمة أو تقوى الحجة بقدر ما ينكشف له حقل الألغام الذي تسير فيه المجادلات البشرية، حيث يسعى كل طرف إلى الانتصار لا إلى الحقيقة، فهل الحق هو ما يثبته المنطق؟ أم هو ما يعلو صوته في المجالس ويكسب التصفيق؟
يرسم أرتور شوبنهاور في كتاب فن أن تكون دائما على صواب خريطةً دقيقة للمغالطات التي يستخدمها الناس في النقاشات اليومية، يبدأ بتحليل نوايا المجادلين ثم يفكك حيلهم واحدة تلو الأخرى ويبين كيف يمكن للمرء أن يظهر متفوقًا في الجدل حتى وإن كان على خطأ، ولعل هذا ما يجعل هذا العمل ليس مجرد دليل للجدل، بل مرآة تكشف النوازع النفسية العميقة لدى من يفضلون الانتصار على الإقناع.
يتفنن المؤلف في فضح الأساليب الملتوية التي تتخفى خلف الأقوال، فتارة تكون الحيلة في "إخفاء القصد" وتارة في "المصادرة على المطلوب" وتارة أخرى في استخدام مقدمات كاذبة تطوى دون أن يشعر بها السامع، وهي مغالطات لا تُكشَف بسهولة بل تتسلل خلسة إلى العقول فتؤثر وتخدع، فكم من مرة بدا لك المتحدث على صواب ثم حين راجعت كلامه لم تجد فيه سندًا؟
ولعل أكثر ما يميز كتاب فن أن تكون دائما على صواب هو تسليطه الضوء على آليات اللغة ذاتها، فالمجادل لا يقنع بالعقل فحسب بل يستعين بـ:
تلاعبات لفظية
استعارات مختارة
أسلوب ساخر
نبرة استعلاء.
هذه الأساليب قد تجعل الحجج تبدو أقوى مما هي عليه، وقد تصيب الخصم بالارتباك أو الغضب مما يمنحه تفوقًا شكليًا. فهل يمكن للغة أن تكون سيفًا ذا حدّين؟
في تعداد الحيل نستكشف كيف يمكن لبعض العبارات أن تحرف مجرى النقاش، مثلًا قد يعلن المجادل فوزه رغم خسارته أو يقاطع ليغير مسار الحديث أو يعمم ما بني على حالات شاذة، وهناك من يراوغ في ترتيب الأسئلة أو يهاجم الشخص لا الفكرة، تلك أدوات ليست محصورة في الفلاسفة، بل يستخدمها كثيرون دون وعي.
يستعرض الكتاب أيضًا ممارسات شائعة مثل الضغط العاطفي واللعب على أوتار الجماهير والسخرية من الخصم والتظاهر بعدم الفهم، كما لا يغفل فن "المقاومة بالمبالغة في التدقيق" حيث يُجهَض النقاش بإغراقه في التفاصيل.
هل سبق لك أن شاهدت من يربح الجدل لا بالحجة بل بإرباك الطرف الآخر؟
كتاب فن أن تكون دائما على صواب ليس دعوة إلى المراوغة، بل تنبيه ذكي إلى الأسلحة غير النزيهة التي نستخدمها أحيانًا، عن وعي أو دون قصد، وهو أيضًا تذكير بأن الحوار النزيه يتطلب ما هو أكثر من ذكاء اللغة. يتطلب صدق النية ونبل الغاية.
ولأن الإنسان يميل إلى أن يكون على صواب دائمًا، فإن هذا الكتاب يفضح الميل الداخلي إلى الانتصار لا إلى التواضع المعرفي، فهو يطرح سؤالًا صريحًا: هل نريد أن نكون على صواب فعلاً أم نريد فقط أن نظهر كذلك؟
في الختام، كتاب فن أن تكون دائما على صواب يضعنا أمام مرايا صعبة، فهو لا يعلمك فقط كيف تربح الجدل بل يحذرك من نفسك حين تحاول فعل ذلك بأي ثمن، إنه أقرب إلى تدريب على كشف الحيل لا على استعمالها، وعلى تقدير الصدق لا التغلب على الآخر.
وقد بات كتاب فن أن تكون دائما على صواب مرجعًا يُستشهد به في علم المنطق والحوار، ويعد مصدراً غنيًا لاكتشاف أنماط الجدل الماكر، حتى أن اقتباسات من كتاب فن أن تكون دائما على صواب تتداول على نطاق واسع بين المهتمين بالفكر النقدي، وتتوفر منه عدة نسخ إلكترونية مثل فن أن تكون دائما على صواب pdf للراغبين في التعمق فيه.
ومن الجدير بالذكر أن الكتاب معروف بعدة صيغ مثل فن ان تكون دائما علي صواب و فن ان تكون دائماً على صواب، أو حتى فن ان تكون على صواب، وكلها تحيل إلى نفس النص الفلسفي المتين الذي كتبه شوبنهاور بأسلوب لاذع ونافذ، أما عدد صفحات كتاب فن أن تكون دائما على صواب فهي قليلة نسبيًا، لكن أثره المعرفي يتجاوز عدد الصفحات بكثير.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الكتب الآتية:
كتاب غدًا أجمل من تأليف الكاتب عبد الله المغلوث