
للتواصل معنا
ملخص رواية مثلث الدماء للكاتب عبدالله الجبرتي، تبدأ في يوم استثنائي في حياة المحقق المتقاعد عثمان، كان يستعد لإغلاق دفتر حياته المهنية والابتعاد عن أجواء الجرائم والتحقيقات، حين جاءه اتصال من رئيسه السابق العميد خالد، قضية غريبة تستدعي خبرته، عند وصوله إلى غرفة الاجتماع، فوجئ بوجود نخبة المحققين في البلاد، القضية التي جمعته بهم كانت مختلفة، جريمة بلا أثر، مسرح نظيف، والقاتل لم يترك سوى مثلث مرسوم بدماء الضحية، هذا الرمز الغامض كان بداية رحلة شائكة.
العميد خالد، المدفوع بضغط سياسي واجتماعي كبير، شكّل فريقًا يضم ستة محققين: عثمان، فيصل، هياف، أمجد، سلطان، وحامد، التوتر كان حاضرًا منذ البداية، إحدى الضحايا تنتمي لعائلة مرموقة لها سمعة واسعة في المجتمع، ما جعل إغلاق القضية بسرعة أمرًا ملحًا، هذه ليست مجرد مسألة عدالة، بل سباق مع الزمن لتجنب أزمة قد تتجاوز حدود مسرح الجريمة.
مع تقدم التحقيقات في رواية مثلث الدماء، يتضح أن القاتل يتحرك بخطوات محسوبة، كل الضحايا تعرضوا للطعن المتكرر في الرقبة، والرمز ذاته يظهر في كل مسرح جريمة، مثلث الدماء لم يكن مجرد شكل، بل تحدٍ صريح لذكاء الشرطة، ترك القاتل المحققين في حيرة، وكأنه يتعمد اللعب بأعصابهم، بينما يظل هو في الظل، بعيدًا عن أي اشتباه مباشر.
الرواية تمزج بين أجواء التحقيقات البوليسية الكلاسيكية والتوتر النفسي، الشخصيات ليست مجرد أدوات في حبكة الجريمة، بل تحمل قصصها الداخلية وصراعاتها الخاصة، عثمان، المحقق العائد من التقاعد، يعيش صراعًا بين ماضيه المثقل بالملفات المعقدة وحاضره الذي يحاول أن يظل فيه بعيدًا عن العنف، العميد خالد يقف بين مطرقة واجبه وسندان النفوذ السياسي، حتى الضحايا أنفسهم لم يكونوا أبرياء تمامًا، بل جزءًا من شبكة معقدة من المصالح والعداوات.
تتصاعد أحداث رواية مثلث الدماء بأسلوب يذكر القارئ بألعاب القط والفأر، الكاتب يترك بعض الألغاز بلا حل مباشر، وكأنه يمنح القارئ فرصة ليكون جزءًا من التحقيق، الحوارات مختصرة لكنها مكثفة، والأحداث تتحرك بخطوات مدروسة، ومع كل مشهد، يتسلل الشك إلى القارئ، حتى يصبح الجميع في دائرة الاشتباه.
عندما يحين وقت الكشف، تأتي المفاجأة، القاتل لم يكن شخصًا مجهولًا بعيدًا عن الفريق، بل شخصية قريبة من العميد خالد نفسه، استغل خبرته السابقة في التحقيقات وقدرته على قراءة عقول المحققين ليضللهم، مثلث الدماء كان توقيعًا شخصيًا، علامة يتركها ليؤكد أن الجريمة ليست مجرد فعل عنيف، بل رسالة معقدة.
النهاية في رواية مثلث الدماء لا تكتفي بإغلاق القضية، بل تفتح بابًا للتأمل، القاتل لم يكن مدفوعًا فقط بالغضب أو الانتقام، بل بدوافع نفسية أكثر تعقيدًا، كان يمكن للكاتب أن يغوص أكثر في تفاصيل مشاعر عثمان بعد اكتشاف الحقيقة، وفي التحولات التي عاشتها شخصيته منذ بداية القصة حتى لحظة المواجهة الأخيرة، ومع ذلك، تبقى النهاية كافية لإعادة ترتيب أحداث الرواية في ذهن القارئ، وكأن كل خيط كان موجودًا منذ البداية لكن لم يُلاحظ.
هذه الرواية لا تقدم جريمة فقط، بل تعرض دراسة نفسية عميقة عن الحدود الفاصلة بين العقل السوي والجنون، وبين واجب العدالة وإغراء السلطة، اللغة سهلة وخفيفة لكن تحمل في طياتها لمسات من العمق النفسي، الكاتب جمع بين التشويق البوليسي التقليدي وطبقات من المعاني الإنسانية، ليمنح القارئ تجربة قراءة تجمع بين المتعة الفكرية وإثارة الغموض.