للتواصل معنا
ملخص رواية أن تقرأ لوليتا في طهران للكاتبة آذر نفيسي، هل يمكن للأدب أن يكون ملجأ من القمع؟ وهل تستطيع رواية أن تنقذ روحاً اختنقت بالمنع والخوف؟ تلك الأسئلة تتفتح أمام القارئ حين يمسك بكتاب رواية أن تقرأ لوليتا في طهران، العمل الذي صاغته الكاتبة الإيرانية آذار نفيسي لتروي تجربة أنثوية وفكرية عميقة داخل مجتمع مقموع، حيث القراءة فعل مقاومة، والكلمة جسر نحو النجاة.
في قلب العاصمة الإيرانية، تقرر آذار نفيسي أن تتحدى القيود عبر تأسيس صف سري في بيتها، هناك، بين جدران آمنة من رقابة النظام، تجتمع مجموعة من الفتيات لدراسة الأدب الغربي، ويبدأن رحلة اكتشاف الذات، من خلال رواية أن تقرأ لوليتا في طهران نلمس كيف تحوّل الأدب إلى وسيلة لتفكيك الخوف، وكيف يصبح الحديث عن الخيال شكلاً من أشكال التحرر حين يُمنع الكلام عن الواقع.
في تلك الجلسات التي تشبه طقوس الخلاص، قرأت الطالبات روايات مثل "غاتسبي العظيم" و"مدام بوفاري"، ليكتشفن أن ما يرويه الأدب ليس مجرد حكايات بل مرايا تعكس وجوههن المخفية، كانت الكاتبة تقول لهن: "حين ننظر عبر الأدب، نرى العالم كما ينبغي أن يكون"، وهكذا، صارت رواية أن تقرأ لوليتا في طهران توثيقاً لرحلة وعي يتقاطع فيها الحلم مع المرارة.
لماذا اختارت الكاتبة رواية "لوليتا" عنواناً لسيرتها؟ في رواية أن تقرأ لوليتا في طهران تظهر الإجابة بوضوح، فـ"لوليتا" في نظرها ليست مجرد فتاة مغتصبة بل رمز لوطن مغتصب، هو إيران نفسها، التي سُلبت حريتها وملامحها على يد الثورة الإسلامية، كما فقدت لوليتا طفولتها، فقدت طهران براءتها، كانت الكاتبة ترى أن ما فعله النظام هو إعادة صياغة التاريخ ليتوافق مع رؤيته، تماماً كما فعل "هامبرت" حين صنع من لوليتا صورة تناسب رغبته.
إن رواية أن تقرأ لوليتا في طهران لا تروي فقط معاناة نساء مقموعات بل تسأل كيف يمكن للعقل أن يبقى حراً حين تُغلق كل النوافذ، الأدب عند نفيسي ليس ترفاً بل ضرورة، مثل الأوكسجين الذي يمنح الإنسان القدرة على الاستمرار في عالم ملوث بالخوف.
كانت تلك الدروس الأسبوعية متنفساً لمجموعة من الفتيات اللاتي أنهكتهن المراقبة، في كل لقاء، يتبادلن القصص عن قهر الجامعة، وعن اللجان الأخلاقية التي تتعقب النساء في الشوارع، لكن في بيت نفيسي، كنّ أحراراً للحظات، هناك، وُلدت رواية أن تقرأ لوليتا في طهران من رحم المقاومة الهادئة، من تلك الجلسات التي جمعت بين الخوف والضحك، وبين الدراسة والتمرد.
كانت الكاتبة تؤمن أن الأدب لا يغيّر العالم مباشرة، لكنه يغيّر الإنسان الذي يمكنه أن يغيّر العالم، ولذلك، كل صفحة في رواية أن تقرأ لوليتا في طهران تمثل مواجهة بين القيد والخيال، بين السلطة والوجدان، بين الواقع والرغبة في تجاوزه.
في لحظات التأمل الأخيرة، تدرك نفيسي أن الخلاص لا يكون بالهروب بل بالكتابة، فحين غادرت إيران إلى الولايات المتحدة، بدأت بكتابة هذه السيرة لتوثق ما عاشته هي وطالباتها، وكأنها تقول إن القراءة والكتابة هما شكلان من أشكال النجاة من الموت البطيء.
تتبدى رواية أن تقرأ لوليتا في طهران كرحلة بين الكتب والوجوه، بين الغربة والذاكرة، لا يهم إن كانت سيرة ذاتية أم رواية، فهي في جوهرها اعتراف طويل عن امرأة أرادت أن تمنح طلابها الحرية عبر الأدب.
تصور الرواية المرأة الإيرانية وهي تعيش في ظل الخوف الدائم من الحجاب المفروض والمراقبة المستمرة، لكنها أيضاً تصورها ككائن يصر على أن يحلم، في كل مشهد من رواية أن تقرأ لوليتا في طهران نجد إصراراً على البقاء إنساناً رغم كل شيء، فالكاتبة لا تكتب عن طهران فقط، بل عن كل مدينة فقدت حقها في الحلم.
في النهاية، تبدو رواية أن تقرأ لوليتا في طهران شهادة على قدرة الأدب على إعادة تشكيل الوعي الإنساني، إنها حكاية نساء وجدن في الرواية ملاذاً من الرقابة، وفي القراءة حياة ثانية، وفي الخيال وطن لا يُقمع فيه أحد.
تجمع رواية أن تقرأ لوليتا في طهران بين السيرة والرمز والسياسة، وهي ليست فقط قصة عن أستاذة وطالبات بل عن وطن كامل يقاوم الصمت بالقراءة، فيها يتجلى معنى الحرية حين تصبح الكلمة عملاً شجاعاً، وحين يصير الأدب فعلاً أخلاقياً في وجه الظلم.