ملخص رواية الموت في البندقية | الجمال المطلق كطريق إلى الهاوية

المؤلف : توماس مان

كتابة : ياسر مرعي

رواية الموت في البندقية من تأليف توماس مان هي أقصوصة مرهفة تعالج صراع فنان كهل بين انضباط الروح والانبهار المكبوت بالجمال المطلق، على خلفية مدينة البندقية التي يغزوها الوباء.


ملخص الكتاب

ملخص رواية الموت في البندقية للكاتب الألماني الحائز على جائزة نوبل توماس مان، أقصوصة مرهفة تجسد الصراع المرير بين الجمال المثالي والواقع الفاسد، بين انضباط الروح وانفلات الرغبات المكبوتة، كتبها توماس مان في عام 1911، في مرحلة مبكرة من مسيرته الأدبية، لكنها حملت الملامح الكثيفة لأدبه المتأثر بـ تشاؤم شوبنهاور والرهافة السيكولوجية الخارقة لنيتشه، الشخصية المركزية في رواية الموت في البندقية هي الروائي الكهل ذو الشهرة الأوروبية، غوستاف آشنباخ، الذي يعيش حياة منضبطة وجافة، لكنه يجد نفسه فجأة عرضة لتلك الانحرافات المفاجئة التي تودي إلى الهاوية.

 

البندقية باعتبارها مسرح العشق المميت

يسافر آشنباخ من ميونخ إلى البندقية، المدينة التي يراها الكثيرون "الأجمل في العالم"، باحثاً عن الهدوء وإعادة التفكير في الفن والحياة، بعد أن شعر بالإرهاق والانحطاط في أفكاره وسط طغيان المادة، أراد مان أن يقيم تعارضاً قوياً بين جمال المدينة وحيويتها وبين الموت الذي يترصدها في مجرى الرواية.

في فندقه الساحر بالليدو، يطل عليه "الجمال المطلق" من خلال الفتى البولندي المراهق تادزيو، يفتتن آشنباخ بحسن هذا الفتى البالغ، ويصبح تادزيو، بجماله الساحق، محور أفكار آشنباخ اليومية، ليس ككائن بشري، بل كرمز لذلك المثل الأعلى الجمالي الذي كان الروائي يبحث عنه لإنقاذ الفن الكبير من هجمة المادة، إن هذا الانبهار المميت الذي يمارسه الجمال الجسدي هو الموضوع الذي تعالجه الأقصوصة.

 

السقوط في الخطيئة ومأساة التصابي

يجد آشنباخ نفسه مسلوب الإرادة أمام تادزيو، هذا الحب المفاجئ والصاعق يدفعه في نهاية المطاف إلى أنواع من التبرج والتزين التي يستعيد بها بعض مظاهر الشباب المزيفة، وهي ذات المظاهر التي كانت قد أثارت قرفه واشمئزازه عندما رأى الشيخ المتصابي في بداية سفرته، هذا الانفلات المفاجئ لطاقاته المكبوتة يمثل الطريق إلى الهاوية، آشنباخ يسير إليها دون مرد.

كانت رواية الموت في البندقية تعبيراً عن التشاؤم العميق الذي يرى أن الجمال هنا يقود إلى الاضطراب الرهيب في الروح وفقدان التوازن، وصولاً إلى الموت، في خضم وهنه هذا، يحل الوباء القاتل (الكوليرا) بالمدينة، محولاً إياها من رمز للجمال إلى رمز للموت.

 

تدهور القيم والنهاية المأساوية

لا يفر آشنباخ من الوباء الذي يضرب البندقية، بل يفقد حسه السليم، ويصاب هو نفسه بالعدوى، ويموت وحيداً مقهوراً على شاطئ البحر، وقد خسر آخر آماله بالعثور على المثل الأعلى الجمالي الذي كان يصبو إليه، إن رواية الموت في فينيسيا هنا لا تصور نهاية فنان فرد فحسب، بل تُعتبر كنهاية مأساوية لتلك البرجوازية الألمانية التي كانت تعيش مرحلة انحطاطها قبل أن تنفلت فيها قوى جامحة على المستوى الجماعي.

يُمكن اعتبار رواية الموت في البندقية عملاً يعبر عن تأرجح المبدع بين نزعة جمالية مثالية ورؤية واقعية تعبر عن التدهور الحتمي للقيم، يجد القارئ أن الموت في البندقية pdf يحمل بين طياته خيبة المبدع إزاء العصر ولعبة المظاهر، ما يدفع آشنباخ للبحث عن تعويض جمالي على الانحطاط، ولكنه بحث لا يسفر عن نتيجة، إن تحميل رواية الموت في البندقية يعني الدخول إلى عالم توماس مان العميق والمشحون بالسوداوية.