
للتواصل معنا
ملخص رواية بيت العائلة للكاتبة سامية سراج الدين، تبدأ بلا مقدمة وتُنهي نفسها بلا وداع، كأنها تحاكي عمرًا بشريًا لا يكتمل في سطرين، بل يمتد على امتداد زمن يتبدل فيه الوطن والناس والذاكرة، تضعنا الرواية أمام تساؤل خافت: هل يغادر الإنسان بيته، أم يغادره البيت أولًا؟ هذا السؤال هو قلب الحكاية التي نسجتها سامية سراج الدين عن بيت نبيل أصبح شبحًا من ماضيه.
جيجي هي الابنة الممزقة، سليلة الباشاوات وأصحاب الطرابيش الحمراء، وُلدت في قصر يطل على جاردين سيتي وكان البيت وقتها مفتوحًا، يضج بالسياسة والنقاش والضيافة، رجال العائلة يديرون البلاد والنساء يدرن صالونات المجتمع، لم يكن بيتًا فحسب بل وطنًا مصغرًا، ثم جاء الزمن ليفتح النوافذ على رياح لا تُرحم، تغير كل شيء، وبقيت جيجي تتشبث بماضٍ يغرق.
رواية بيت العائلة لا ترصد فقط أفول الطبقة الأرستقراطية، بل تحفر في وجدان من عاش تلك المرحلة، جيجي هجرت بيتها وتزوجت من يوسف كمال دون حب، انفصلت عنه وتزوجت من لوك الفرنسي دون شغف أيضًا، أحبت تامر، لكنها تركته، تبحث عن شيء، أو عن نفسها ربما، هل كان الزواج هروبًا؟ هل كان الوطن قيدًا؟ لا إجابة واضحة، وهذه الضبابية هي ما يعطي الرواية صداها الإنساني.
تحمل رواية بيت العائلة ملمحًا من السيرة الذاتية، حيث يتقاطع اسم فؤاد سراج باشا في التاريخ مع شخصية فؤاد سيف الإسلام في الرواية، تختلط السطور بالألم وكأن الكاتبة تحاكم الوطن الذي نزع الطبقة الأرستقراطية من أماكنها، دون أن يمنحها بديلاً، عبر فصول الرواية نشهد انتقال جيجي بين فرنسا وأمريكا، لا بحثًا عن الحلم بل فرارًا من الذاكرة، أرادت أن تأخذ ابنها طارق إلى المنفى الاختياري، لكنه رفض، وهكذا غادرت مرة أخرى، بلا ضمانات، بلا وداع.
ما الذي يجعل رواية بيت العائلة متفردة؟ لعلها الواقعية الشديدة، فلا بداية واضحة تحدد ما جرى، ولا نهاية تخبرنا بما استقر عليه المصير، حتى القاهرة نفسها تتحول إلى مشهد متغير، من قاهرة عبد الناصر التي تُشبه قسوة الأب، إلى انفتاح السادات الذي خدع الطبقة المترنحة، ثم إلى مصر مبارك التي تعج بالاختناق والتلوث والعنف الكامن في الطرقات.
تحميل رواية بيت العائلة pdf لا يمنحك قصة تقليدية، بل يسلمك مرايا متكسرة لزمن ضائع، عبر كره جيجي الواضح لعبد الناصر، الذي تعتبره قاتل والدها، تتضح هشاشة الطبقة التي لم تستطع أن تصمد أمام السلطة الجديدة، تقول: "كانت عبقريته الحقيقية أنه يجد كبش الفداء الذي يُحمّله وزر بؤس الجماهير"، بهذه الجملة تختصر الرواية فكرتها، من المسئول عن الخراب؟ وهل للماضي أن يعود؟
"قد أعود إلى مصر مرة أخرى، لكني لن أعود أبدًا إلى وطني"، بهذه العبارة تختم سامية سراج الدين رواية بيت العائلة، الجملة تصفع وتُفسر، فمصر لم تعد كما كانت، الوطن تغيّر، البيت تلاشى، والحنين وحده هو ما بقي، رواية بيت العائلة تقول ما لا يُقال عادة عن طبقة كانت صانعة مصر الحديثة ثم صارت منسية في الحكايات.