M3aarf Telegram

ملخص رواية حديث الجنود | صرخات الحقيقة من خلف القضبان

كتابة : أيمن العتوم

كتاب حديث الجنود من تأليف أيمن العتوم هو عمل أدبي سياسي جريء يكشف وقائع حقيقية عن القمع والحرية في الجامعات الأردنية بأسلوب مؤثر يلامس أعماق القارئ.

ملخص الكتاب

رواية حديث الجنود للكاتب الأردني أيمن العتوم، ليست مجرد سردٍ لأحداث سياسية عابرة بل صرخة مدوّية ضد القمع وصوت ينبض بالحقيقة التي لطالما حاول الطغاة دفنها في ظلال النسيان، هذه الرواية التي كُتبت بروح شاعر متمرّد ووجدان أسير في قبضة الزنازين تحفر في ذاكرة القارئ عوالم من الأسى والمقاومة وتعيد ترتيب المعنى في وجدان من ظنّ أن الكلمة لا تملك سلاحًا.

رواية حديث الجنود التي صدرت عام 2014 تستند إلى أحداث واقعية جرت في جامعة اليرموك الأردنية عام 1986 إذ كان الطلبة يحتجون على قرارات قمعية اتخذتها الإدارة والحكومة في ظل غياب أي مساحة للتعبير عن الرأي أو الحق في الاعتراض، وتجسّد الرواية لحظة تاريخية اختلطت فيها الدماء بالكلمات حين أصبح الحرف تهمة والنشيد الوطني جريمة والحلم بالحرية مرادفًا للخيانة.

يركز العتوم في روايته على شخصية رئيسية تُدعى أحمد ذلك الطالب الذي يتحول من شاب يافع يحلم بالتغيير إلى رمز من رموز الصمود والبطولة، وتتناوب المشاهد في الرواية بين الماضي والحاضر من خلال حوارات تدور بين المحققين والسجين بين الجلاد والمجلود بين من يكتب التاريخ ومن يحاول النجاة منه بأسطر لا تُنسى، ومن أهم ما تبرع به أيمن العتوم في رواية حديث الجنود هو قدرته على تصوير النفس البشرية في لحظة انهيارها أو في أقصى حالات صلابتها، كيف يتألم الإنسان بصمت كيف يُقاوم تحت السياط كيف يحمل قلبًا يضج بالثورة وعينًا لا تُخفي الحنين للأم والوطن والزمن الجميل.

الحوارات في الرواية تلامس حدود الفلسفة السياسية وتنطق بأسئلة لم يجب عنها أحد: ما الوطن؟ ما قيمة الشهادة في وجه البندقية؟ من يملك السلطة؟ ومن يملك الحقيقة؟ وقد عبر المؤلف عن هذه التساؤلات العميقة بأسلوب أدبي متمرد جعل من صفحات كتاب حديث الجنود سجلاً للبطولة والخذلان في آن معًا.

كما تلقي الرواية الضوء على الصراع بين الشباب الباحث عن التغيير والنظام الذي يخشى أي تحرك جماهيري، فهي رواية الثورة ضد الركود ورواية الوعي في مواجهة العبودية اختار الكاتب أن يكون شاهدًا لا مؤرخًا، فكتب الألم بتجربة شخصية عاشها وعاد ليحكيها بضمير الحي الذي لا يموت، لهذا السبب مُنعت رواية حديث الجنود في الأردن لكن المنع لم يكن إلا دافعًا للقراء للبحث عن الحقيقة بين طيات الصفحات، فالمنع دليل الخوف والخوف لا يأتي إلا من رواية تُلامس الحقيقة.

ومن أروع اقتباسات الرواية تلك الكلمات التي قالها أحد السجناء: "لقد حنيتم ظهوركم، فامتطاكم السفلة"، صرخةٌ تختصر المعاناة وتفضح الانكسار الذي يسبق كل استبداد وتشير الرواية في مواضع عدة إلى دور الإعلام في تزييف الحقيقة، حيث يقول الكاتب أن الإعلام الرسمي ظن أن الحقيقة يمكن أن تُغطى أو يعفى عليها الزمن، في إشارات واضحة إلى سطوة التضليل التي مارستها السلطات على الرأي العام.

في حديث الجنود أيمن العتوم لا يتوقف عند حدود وصف المشهد السياسي بل يغوص في تفاصيله النفسية والشخصية، كيف يؤثر القمع في قلب الإنسان وكيف يتحول المثقف إلى سجين فقط لأنه كتب، وكيف يصبح الاعتقال مصيرًا لمن أراد أن يعيش بكرامة ويتنفس بحرية، ولذلك جاءت رواية حديث الجنود محملة برؤية فلسفية وواقعية في آن جعلت منها عملاً أدبيًا نادرًا في أدب السجون العربي.

ورغم أن كتاب حديث الجنود صُنف كأدب سياسي إلا أنه يحمل في طياته بُعدًا روحيًا عميقًا يجعل من البطولة فعلًا داخليًا قبل أن يكون مواجهة خارجية، حيث يظهر في صفحات الرواية ذلك الصراع الأبدي بين الخوف والإيمان بين الذل والكرامة بين الصمت والكلمة، وهو ما جعل حديث الجنود ايمن العتوم رواية عصية على التكرار أو النسيان.

ومن الملفت أن القراء بحثوا بكثافة عن تحميل كتاب حديث الجنود ايمن العتوم pdf بعد سماعهم بمنع الرواية، وكأن المنع أضفى على الرواية سحرًا خاصًا جعلهم يتهافتون على قراءتها ومن اللافت أيضًا أن الرواية حققت مبيعاتٍ غير متوقعة بسبب الضجة التي أحدثتها الرقابة، وربما لأن القارئ العربي عطش إلى روايات تقول الحقيقة دون رتوش أو مساومات.

في نهاية المطاف فإن رواية حديث الجنود ليست فقط حكاية عن طلاب جامعة أو سجون سياسية بل هي بيان صادق عن الحرية والانتماء عن الوطن الذي نحمله في داخلنا وندافع عنه بالكلمة والدم، وقد استطاع أيمن العتوم حديث الجنود أن يحفر بسطوره شهادةً للتاريخ لا يمكن محوها أو تجاهلها.