
للتواصل معنا
ملخص كتاب إلى المنكسرة قلوبهم للكاتب أدهم شرقاوي، في هذا الكتاب يجد القارئ نفسه أمام فسيفساء إنسانية بديعة تتجاوز حدود الزمان والمكان وتغوص في أعماق القلوب التي نال منها التعب ومرّ عليها قطار الخذلان والفقد والانكسار، الكاتب أدهم شرقاوي يستجمع في هذا العمل ما يقارب 150 قصة متنوعة المصادر والحقب، يجمع بينها خيط إنساني واحد هو محاولة ترميم ما تهشم في الأرواح ورد الاعتبار لكل من طحنته الحياة أو أوجعه البشر، بأسلوبه السلس القريب من القلب يصحبنا المؤلف في جولة بين أحداث حقيقية وأخرى رمزية ينسج فيها حكماً ومواعظاً من صميم الوجع البشري.
كل قصة في كتاب إلى المنكسرة قلوبهم تقف مستقلة كأنها رسالة في مظروف خاص مرسلة إلى قارئ موجوع، بعضها قصير لا يتعدى بضعة أسطر وبعضها أطول لكنها جميعاً مشبعة بالعبر والدلالات، يلامس فيها الكاتب القضايا التي نعيشها يومياً من الظلم والنفاق إلى الخذلان والخيبة، كما يسرد الحكايات كمن يربّت على الكتف ثم يقول: "أنا هنا، وأعرف ما مررت به".
تحدث أدهم شرقاوي في هذا الكتاب عن نُصرة المظلوم حتى وإن لم يكن على ملة الإسلام، فالعدل أساس النصر ولو كان في أمة لا تعرف الله، وهذا الطرح لا نجده كثيراً في الكتب المعاصرة، فالكاتب يقفز من القضايا الخاصة إلى معانٍ كونية وحقوق إنسانية تؤسس لعالم أقل قسوة، ومن خلال هذا الفهم نستوعب أن إلى المنكسرة قلوبهم أدهم شرقاوي ليس مجرد كتاب تسلية بل عمل يحمل خطاباً أخلاقياً واضحاً يدعو إلى الإنصاف وجبر المكسور.
ومن القضايا المؤثرة التي يتناولها الكتاب أيضًا قضية العلاقات التي تبدأ بالحب وتنتهي بالخذلان، يسوق لنا الكاتب نماذج لأشخاص استباحوا قلوب الآخرين تحت راية المحبة ثم كسروا أرواحهم، يؤكد أن المحب لا يؤذي وأن الحب الصادق لا يعرف طريق الغدر ويروي لنا كيف أن جبر الخواطر هو من أرفع العبادات وأن حفظ الود عند الرحيل هو نوع من أنواع النبل الذي بات نادراً.
أحد أعذب القصص التي وردت في كتاب إلى المنكسرة قلوبهم كانت قصة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع وحشي قاتل حمزة، قصة الألم الذي لا يزول مهما طال الزمان وكيف يمكن للصفح أن يكون دون نسيان، يقول الكاتب إننا أحياناً لا نبتعد عن الناس كرهاً بل هرباً من ذكريات تؤلمنا في كل مرة، وهذا طرح يتكرر في ثنايا الكتاب بأساليب متعددة تشبه نداءات داخلية لمسامحة النفس قبل الآخرين.
في أحد المقاطع يستعرض المؤلف حكاية الكاتبة البريطانية التي لم تُنشر رواياتها إلا بعد أن وضعت عليها اسماً مستعاراً، فرفضتها دور النشر ذات الدور التي كانت تتودد لها بعد الشهرة، ليؤكد أن المجد ليس دوماً معياراً للجودة وأن كثيراً من الأرواح والكتابات العظيمة ضاعت في زحام الشهرة والسطحية، وهذه القصة تأتي ضمن سلسلة من القصص التي يفضح فيها الكاتب التحيّز والظلم حتى في مساحات الإبداع.
ولعل أجمل ما يميز كتاب إلى المنكسرة قلوبهم pdf أنه لا يكتفي بسرد الألم، بل يعزي ويواسي ويشجع على النهوض من تحت الركام، يعطي القارئ أدوات للتماسك مثلما يشاركه تفاصيل الانكسار، بعض القصص تبدو كأنها مكتوبة خصيصاً لكل من فقد عزيزاً أو ودّع صديقاً أو اكتشف خيانة، ويعود الفضل في هذا إلى براعة الكاتب في انتقاء المواقف والعبارات التي تلامس المشاعر ببساطة وعمق في آن واحد.
الكتاب ليس فقط رحلة مع الحكايات بل هو مدرسة للأدب الإنساني النبيل، يعلمنا فيه أدهم الشرقاوي أن الوجع لا يلغي النُبل وأن الانكسار لا يعني السقوط، وأن الحب يجب أن يُصان مهما تقلبت الأيام، وقد أحسن حين اختار لهذا العمل اسماً صادقاً، لأن إلى المنكسرة قلوبهم أدهم الشرقاوي هو حقاً كتاب كُتب ليكون ملاذاً لهؤلاء المنكسرين ورفيقاً لصمتهم الطويل.
ينتهي الكتاب بكلمات تهز القلب: لو اطّلع كل واحد منا على ما في روح الآخر من جراح لاحتضنّاه بدل أن نُصافحه، ويختم بذلك رسالته الكبرى وهي أن الرحمة تسبق كل شيء وأننا لا نحتاج إلا لقلوب تشعر، وتدرك أن كل إنسان يخوض معركته بصمت، لذا علينا أن نكون لطفاء ولو قليلاً.
في النهاية لم يكن كتاب إلى المنكسرة قلوبهم أبدًا مجرد مجموعة من القصص بل هو ضوء دافئ في عتمة التجارب المؤلمة، كتاب يربّت على الأرواح المنهكة ويقول لها: ما زال في العالم ما يستحق أن نعيش لأجله ونحب من أجله ونُسامح من أجله.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية: