
للتواصل معنا
ملخص رواية البحث عن وليد مسعود للكاتب جبرا إبراهيم جبرا، ما الذي يجعل إنسانًا يختفي ليبدأ الآخرون في العثور على أنفسهم من خلاله؟ رواية البحث عن وليد مسعود هي تلك الرحلة العميقة نحو الهوية والذاكرة، حيث تتحول شخصية وليد من مجرد رجل إلى رمز يتكئ عليه الفلسطيني في منفاه، رواية كتبها جبرا إبراهيم جبرا بعين الأديب وسكين الفيلسوف، فجعل منها وثيقة روائية ترصد الانكسار والحلم معًا.
تبدأ رواية البحث عن وليد مسعود باختفاء البطل، ليترك خلفه سيارته مهجورة على طريق بغداد – دمشق، وتسجيلًا صوتيًا غامضًا، هنا لا يبدأ الغموض فحسب، بل يبدأ أيضًا انكشاف الوجوه الكثيرة لوليد في رواية تتقاطع فيها ثماني شخصيات لتكشف لنا من هو، من خلال فصول متعددة، نكتشف أن وليد ليس مجرد شخص، بل تجسيد لروح الفلسطيني الممزقة بين النفي والحنين، بين الغرام والخذلان، بين الثورة والضياع.
الرواية لا ترصد فقط مسار وليد، بل ترصد كذلك أثره في الآخرين، فجواد، ومروان، ومريم، ووصال، وعيسى.. كلهم يتحدثون عنه، لا ليصفوه بل ليحاولوا أن يقتربوا من أنفسهم عبر صورته، إن رواية البحث عن وليد مسعود ليست بحثًا عنه فقط، بل بحث عن المعنى والكرامة والانتماء، فمن خلال الغياب، يحضر وليد أقوى من أي وقت مضى، محركًا كل الشخصيات نحو سؤال أعمق: من نحن؟
استخدم جبرا إبراهيم جبرا تقنيات السرد الحديثة في نسيج روائي عربي خالص، فتعدد الرواة، وتشظي الأزمنة، والعودة المستمرة إلى الداخل، كلها جعلت من رواية البحث عن وليد مسعود علامة فارقة في الرواية العربية الحديثة، فالبحث هنا لا يكتفي بالوطن الضائع، بل يمتد ليشمل تناقضات النفس البشرية بين ما تريده وما تهرب منه.
يطرح النص الفلسطيني وليد مسعود كرمز واضح، اسمه ليس عبثًا، فـ"وليد" يشير إلى ولادة جديدة من رماد النكبة، و"مسعود" كأنها أمنية لم تتحقق أبدًا، فبين الطفولة في بيت لحم، والنضال، والمنفى، والغرام، تشكلت شخصية وليد كخليط من الهروب والصمود، رواية البحث عن وليد مسعود تعكس بذلك وجع شعب كامل، وتسأل القارئ سؤالًا صامتًا: هل لا يزال للوطن وجه؟ وهل نبحث عنه، أم نبحث عن أنفسنا؟
رغم أن الرواية تنطلق من السياسة والمنفى، إلا أن جبرا لم يُغفل الجانب الإنساني، فجاءت علاقات وليد العاطفية مليئة بالتوتر والتمزق، يحب، ويخون، ويتراجع، ويشتاق، لكنه لا ينجو من الوحدة، حتى في لحظات العشق، يظهر أنه رجل يبحث عن شيء لا يعرف اسمه، لذلك لم يكن اختفاؤه هروبًا بقدر ما كان امتدادًا لحيرته، هذه المعادلة الصعبة بين البطولة والضعف هي ما جعلت من رواية البحث عن وليد مسعود نصًا يعيش أكثر مما يُقرأ.
اللغة في الرواية أنيقة وذات أبعاد فلسفية عميقة، الحوارات مليئة بالأسئلة، بالاشتباك مع المصير، بالتمرد على الواقع، تزداد الأسطر بوحًا كلما اقتربت الشخصيات من وليد، فالرواية ليست مجرد قصة، بل وثيقة سردية تضيء ملامح المثقف الفلسطيني، الذي لم يختر المنفى لكنه حوّله إلى مساحة للتأمل والكتابة.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية الطنطورية تأليف الكاتبة رضوى عاشور