
للتواصل معنا
ملخص رواية رامة والتنين للكاتب إدوار خراط، هل يمكن أن يولد الحب وسط رماد الخوف والهزيمة؟ رواية رامة والتنين للكاتب إدوار خراط تقدم إجابة مختلفة تمامًا، هي ليست مجرد قصة غرام بل صراع داخلي متجذر في الوجدان، رواية تتجاوز حدود العلاقة بين رجل وامرأة لتغوص في قاع النفس البشرية المتصدعة، تدور أحداث الرواية في قلب مصر خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وتدور أكثر في قلب ميخائيل ورامة، قلبين مشطورين بفعل الطوائف، الذكريات، ومرارة الفقد.
تتأسس رواية رامة والتنين على حوار داخلي وعاطفي بين شخصيتين متقابلتين: ميخائيل، القبطي المثقف، ورامة، الفتاة المسلمة التي تشكل محور وجدانه ومأساته، يغدو الحوار بينهما خليطًا من تيار الوعي، والهذيان العاطفي، والانزياح الأسطوري، يعبر كل منهما عن ذاته وقلقه وانكساره، وكأن كل جملة فيهما تبوح عن أمة بأكملها تعاني من الانفصال واللا جدوى.
في رواية رامة والتنين يذوب الزمن، فلا تعرف أين يبدأ الماضي وأين ينتهي الحاضر، الحب عند ميخائيل ليس مهربًا من الواقع بل صراع دائم معه، يحاول أن يتشبث برامة لكنه يدرك أن مجتمعهم لا يسمح لهما أن يكونا معًا، تقف الطائفية كجدار صامت لكنه قاسٍ، ويشعر البطل أن الحب نفسه صار عبئًا، يحمله كميت داخله، كما قال في أكثر مشاهد الرواية قسوة: "أنت تحمل ميتًا في داخلك، والميت هو أنت أيضًا".
ما يجعل رواية رامة والتنين عملًا متفردًا ليس فقط موضوعها، بل أسلوبها السردي أيضًا، استخدم إدوار الخراط تقنيات الرواية التجريبية، فكان تيار الوعي، والمونولوج الداخلي، وتداخل الأصوات حاضرين بقوة، تأخذنا الرواية إلى عوالم فرعونية ويونانية وإسلامية، إذ يلبس كل شعور قناعًا من الأسطورة، ويصبح الحب معركة رمزية بين الخير والشر، بين الأمل والانطفاء.
اللغة في رواية رامة والتنين تنزف، كما قلوب أبطالها، جملاً طويلة تتشابك كما تتشابك الذكريات، أسلوب شاعري غارق في الذات، لكنه لا يتخلى عن تعرية الواقع، كل مفردة فيها تحمل حزنًا داخليًا، وكل سطر يذكرنا بأن الوحدة ليست حالة بل مصير، ميخائيل لا يرى في الحب خلاصًا، بل مرآة لوحدته القاتلة، حتى عندما يحب، يصرخ في داخله أن الحب كذبة، وأنه ما هو إلا محاولة يائسة للنجاة من الغرق في الذات.
رغم أن رواية رامة والتنين نُشرت عام 1980، إلا أن عمقها جعلها تتحول إلى ثلاثية بعد 16 عامًا، صدرت بعد ذلك رواية "الزمن الآخر" و"يقين العطش"، ليكمّل إدوار الخراط دائرة الانكسار التي بدأها، هذه الرواية ليست مجرد نص أدبي بل تجربة وجودية، تعكس عذابات المثقف في مجتمع لا يمنح إلا الخسارات، وتطرح الحب بوصفه التباسًا لا يُحل.
لأنها تنقلنا إلى داخل الألم دون مواربة، ولأنها لا تهادن في طرح أسئلتها الوجودية، رواية رامة والتنين تظل نصًا حيًا يعبر عن أزمنة كثيرة في آن واحد، لم يكن عبثًا أن تُصنف ضمن أفضل مئة رواية عربية، وأن يتم تناولها في دراسات كثيرة بوصفها مرآة لمأساة مصرية شاملة، من يقرأ هذه الرواية لا يبحث عن حل، بل عن فهم أعمق للوجع، للحب، وللوحدة التي لا دواء لها.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية وحدها شجرة الرمان للكاتب سنان أنطون
رواية ترنيمة سلام من تأليف الكاتب أحمد عبد المجيد