ملخص رواية حزن في قلبي | ذاكرة تبحث عن نفسها بين بيروت وبرلين

المؤلف : هلال شومان

كتابة : ياسر مرعي

رواية حزن في قلبي من تأليف هلال شومان، عمل أدبي عميق يستكشف الذاكرة والهوية بعد الحرب الأهلية اللبنانية، من خلال رحلة يوسف بين برلين وبيروت بحثاً عن جذوره، وعن معنى الانتماء في زمن الاغتراب.


ملخص الكتاب

ملخص رواية حزن في قلبي للكاتب هلال شومان، هل يمكن للذاكرة أن تستعيد ما لم تعرفه؟ وهل يمكن لحياةٍ منفية أن تجد جذورها وسط الركام؟ في رواية حزن في قلبي لهلال شومان، نرافق يوسف في رحلته المزدوجة بين المنفى والذاكرة، بين الحاضر الممزق والماضي الذي يرفض أن يُدفن، حكاية تبدأ من رماد الحرب الأهلية اللبنانية وتنتهي عند سؤالٍ لا يهدأ: من أنا حقاً؟

 

ذاكرة مبتورة وبداية من الحرب

تنطلق رواية حزن في قلبي من مشهدٍ بسيط لكنه مكثف بالوجع، طفلٌ يُهرّب من بيروت المشتعلة إلى برلين، ليبدأ هناك حياة جديدة مع والدٍ لبناني بالتبني وأمٍ أوروبية سرعان ما تختفي، يكبر يوسف في الغربة، يتحدث الألمانية، وينسى العربية، يعيش في مدينة باردة تحتضن جسده وتغترب عن روحه، هنا يطرح شومان أسئلته الكبرى عن الانتماء، هل هو اللغة أم الجغرافيا أم الذاكرة؟ يوسف الذي لا يعرف من ماضيه سوى شذرات وصور مبهمة، يقرر أن يعود إلى لبنان بحثاً عن أصوله، في رحلةٍ تبدو كبحثٍ عن الذات بقدر ما هي بحث عن الحقيقة الضائعة.

 

المنفى والمثلية كوجهين للاغتراب

في القسم الأول من رواية حزن في قلبي، يعيش يوسف في برلين بين شققٍ رمادية ونوادي ليلية، المثلية ليست تفصيلًا في شخصيته بل جوهر غربته، عبر علاقته بـ"آزو" الكردي و"عمرو" المصري، يرسم الكاتب عالماً يعيش على هامش الهوية واللغة والانتماء، ألمانيا ليست وطناً لهم بل منفى تتكرر فيه محاولات الهروب من الذات، شومان لا يقدم المثلية كقضية بحد ذاتها، بل كعدسةٍ تكشف هشاشة الإنسان حين يفقد الجذر والمعنى، فالمكان في الرواية ليس سوى مرآةٍ للداخل، والاغتراب ليس سوى تجلٍ للانفصال عن الذاكرة الأصلية.

 

الرحلة إلى لبنان

حين يموت الأب بالتبني، يترك وصية غامضة يطلب فيها نثر رماده في أماكن متعددة داخل لبنان، هنا تبدأ رواية حزن في قلبي رحلتها الثانية، يسافر يوسف وحيداً إلى بلدٍ لا يعرف لغته ولا تاريخه، محاولاً تنفيذ الوصية واكتشاف ذاته في الوقت نفسه، من لحظة وصوله، ينفتح الباب على سلسلة من المفاجآت، الرجل الذي ربّاه كان مقاتلاً في الحرب الأهلية، أما رفيقه القديم فقد أصبح وزيراً يعيش في عالمٍ من النسيان المقصود، في هذا التباين، يرى يوسف مرآة للبنان ذاته، بلدٌ لم يتصالح مع ماضيه، يدفن ذاكرته بيديه، ويعيش في سلامٍ هشّ لا يشبه السلم إلا في اسمه.

 

الحزن كهويةٍ جمعية

تتحول رواية حزن في قلبي إلى تأملٍ عميق في معنى الحزن، لا كعاطفةٍ شخصية بل كهويةٍ وطنية، الحزن هنا ليس دمعةً بل وعيٌ مأزوم، فالحرب لم تنتهِ في النفوس، بل غيّرت شكلها لتعيش داخل الأجيال اللاحقة، الجيل الأول خاضها، والثاني ورث صمتها، والثالث يعيش نتائجها دون أن يفهم سببها، هلال شومان يجعل من يوسف رمزاً لهذا الإرث الثقيل، فالشخصية التي تبحث عن أهلها هي في الحقيقة تبحث عن وطنٍ قادر على تذكر نفسه، كل مشهد في الرواية ينسج خيوط الذاكرة بلغةٍ شاعرية حزينة، كأن الكاتب يكتب عن وطنٍ في غيبوبة طويلة.

 

لغة الرواية ورمزيتها

تتميز رواية حزن في قلبي بلغةٍ بسيطة وعميقة في آن واحد، الجمل قصيرة لكنها مشحونة بالدلالات، الحوار قليل، والذاكرة هي التي تتكلم، يكتب شومان كمن يرسم على الزجاج: كل تفصيلة شفافة لكنها حادة، الرواية تتجاوز الحكاية الفردية لتصبح شهادة على جرحٍ جماعي، فكل شخصية تحمل جزءاً من السؤال: ماذا يبقى بعد الحرب؟ وما معنى السلام حين يكون مجرد هدنة بين خرابين؟

 

البحث الذي لا ينتهي

في ختام رواية حزن في قلبي، لا يجد يوسف جواباً نهائياً، لأن الحكاية نفسها ترفض الاكتمال، الماضي يظل مفتوحاً مثل جرحٍ قديم، لكن ربما تكمن الإجابة في الرحلة ذاتها، في رغبة الإنسان أن يفهم ذاته مهما طال الضياع، رواية عن التذكّر والنسيان، عن الأبوة المفقودة والانتماء المؤجل، عن وجعٍ لا يُشفى بل يُروى، إنها مرثية للذاكرة اللبنانية، واعتراف متأخر بأن الحرب لم تغادرنا بعد.