M3aarf Telegram

ملخص قربان آل يونس | البحث عن أسرار الموصل

كتابة : أحمد خيري العمري

كتاب قربان آل يونس من تأليف أحمد خيري العمري يسرد رحلة صهيب في الموصل حيث تتحول زيارته المهنية إلى مغامرة عائلية وفكرية تمزج بين الرمزية والتاريخ والهوية في سرد مشوّق يعيد اكتشاف الذات والانتماء.

ملخص الكتاب

رواية قربان آل يونس للكاتب أحمد خيري العمري، في أعماق مدينة الموصل القديمة وفي ظلال تاريخها المليء بالحروب والرماد تخرج إلينا رواية قربان آل يونس بقلم أحمد خيري العمري كأنها نداء خافت من جذور منسية يبحث عن صدى بين جدران الحاضر الباردة حيث يلتقي الماضي بالحاضر في حكاية لم تكن في الحسبان تبدأ كزيارة عمل بسيطة وتتحول إلى رحلة لاكتشاف الذات واستعادة المعنى وسط أطلال الذكريات.

تروي الرواية قصة صهيب المهندس الأمريكي ذو الأصول العراقية الذي لم تطأ قدمه العراق من قبل ولم يعرف الموصل إلا من حكايات والديه تلك المدينة التي حملت على كتفيها ثقل الحروب وتاريخًا مشتركًا بين المآذن والركام جاء صهيب لتقديم تصميم معماري لإعادة بناء مرقد النبي يونس ذلك المرقد الذي فجره تنظيم داعش وأحال المكان المقدس إلى تراب لكنه ما لبث أن وجد نفسه وجهًا لوجه مع أشباح الماضي وسر غامض يرقد خلف جدران العائلة.

رواية قربان آل يونس لا تُعنى بالبناء الخارجي وحده بل تفتح نوافذ إلى البناء الداخلي للنفس البشرية فزيارة العمل تتحول سريعًا إلى مواجهة مع الذات ومع إرث عائلي دفن تحت صمت طويل وقطيعة عمرها عقود، يجد صهيب نفسه وسط أقارب لم يكن يعلم بوجودهم يلتقيهم في بيت يختزن التباسات التاريخ والدم والحكاية، وبين الحوارات المربكة والذكريات المتناثرة تنسج الرواية شبكة دقيقة من الأسئلة الوجودية والهوية والشتات.

يسرد أحمد خيري العمري بأسلوبه الفلسفي الرمزي حكاية صراع بين الحداثة والجذور بين الهوية المفقودة والانتماء المؤجل فيجعل من صهيب بطلًا غير تقليدي بطلًا لا يحمل سلاحًا بل يحمل تصميمًا يحاول من خلاله ترميم مرقد النبي وفي العمق يسعى لترميم ذاته المنكسرة ببطء بين طيات الورق والخرائط والبشر.

كل تفصيلة في رواية قربان آل يونس ليست عبثًا حتى الموصل نفسها لم تكن مجرد خلفية للأحداث بل كأنها شخصية أخرى تشهد وتتكلم وتبكي عبر حواريها وصوامعها ومآذنها وأبوابها القديمة الموصل هنا تتحول إلى مرآة يرى فيها الأبطال تشوهاتهم ومحاولاتهم للنجاة يرى فيها صهيب صورة مختلفة له لم يكن يعرفها صورة تحاكي ذلك السر العميق الذي يتكرر كرمزية واضحة في سرداب النبي يونس والحوت الذي ابتلع الإنسان ليرده إلى ذاته.

تدور أحداث رواية قربان آل يونس حول ما هو أعمق من الحبكة إنها رواية عن الهوية في زمن التهجير وعن الجذور التي لا تموت حتى لو نسيناها وعن الدم الذي يظل نداءه قائمًا حتى وإن تراكمت فوقه طبقات من النسيان والبعد والتجاهل في هذه الرواية تلمس أن الرابط بين الأقارب ليس فقط رابطة الدم بل وجود سر مكتوم يشبه اللغز وعلى الجميع مواجهته سواء بالمصارحة أو بالخذلان.

إن رواية قربان آل يونس لا تُقرأ كعمل درامي فقط بل كمرآة للنفس المعاصرة في مواجهة آثار الحروب والشتات والتفكك العائلي إنها صرخة مكتومة تقول إن الإنسان لا يستطيع أن يمضي قدمًا ما لم يعد إلى الوراء قليلًا ليرى ما فاته من ضوء في العتمة وإن الخرائط لا ترسم البيوت فقط بل القلوب أيضًا.

في نهاية الرواية لا نجد أجوبة حاسمة بل نجد أنفسنا نسأل هل نستطيع أن نبني شيئًا حقيقيًا فوق أنقاض ماضٍ لم نحسم أمره بعد وهل في إعادة بناء المرقد إشارة إلى أن ما تهدم من داخلنا يمكن أن يُعاد ترميمه أيضًا هنا تكمن قيمة رواية قربان آل يونس لا في حل اللغز بل في قدرتها على جعلك ترى لغزك الخاص بين سطورها.