
للتواصل معنا
ملخص رواية كوخ العم توم للكاتب هارييت بيتشر ستو، هل يمكن أن تشعل رواية أدبية شرارة حرب؟ هل يُعقل أن يتسبب قلم امرأة في زلزلة ضمير أمة بأكملها؟ رواية كوخ العم توم فعلت ذلك وأكثر، كتبتها هارييت بيتشر ستو سنة 1852 ففتحت بها بابًا واسعًا للوعي، وجعلت من الأدب أداة تغيير هزّت أركان العبودية في أمريكا.
رواية كوخ العم توم ليست سردًا عابرًا بل صرخة مؤلمة ضد استعباد الإنسان، تناولت ستو في صفحاتها قصة العم توم العبد الأسود الطيب المتدين الذي تتوالى عليه الأقدار المأساوية، منذ لحظة بيعه من سيده الأول وحتى وقوعه في يد جلاد لا يعرف للرحمة سبيلاً، ظل توم نموذجًا للصبر والكرامة والإيمان، تلك الصورة البسيطة المؤلمة كانت كفيلة بتغيير قلوب الآلاف الذين قرأوا الرواية وتعاطفوا مع بطلها.
لم يكن العم توم بطلاً بالسيف بل بالإيمان، قوته لم تكن في عضلاته بل في قلبه، هو رجل طيب الطوية، واسع الحلم، يحمل على كتفيه آلام عبيدٍ لا صوت لهم، عندما خُيّر بين الهرب والوفاء رفض أن يخون سيده رغم أنه كان على وشك فقدان أسرته، ظل توم طوال الرواية رمزًا للثبات في وجه القهر، حتى عندما انتقل إلى بيت سايمون ليغري، عاش المعاناة دون أن يتخلى عن إنسانيته.
في البداية، بيع العم توم لسيد رحيم، ثم انتهى به المطاف في بيت سيد سادي لا يعرف الشفقة، في هذا الانتقال قدمت رواية كوخ العم توم مقارنة صادمة بين من يرى في العبد إنسانًا ومن يراه سلعة، ولم تكن المأساة في الضرب والتعذيب فحسب، بل في انتزاع الأحبة وتمزيق العائلات، كما حدث مع الطفل جيم ووالدته إليزا التي هربت به من قدر العبودية.
كتبت ستو الرواية بلغة سهلة لكنها دامعة، لا تفتعل المشهد بل تنقله كما هو، كثير من اقتباسات من رواية كوخ العم توم ظلت محفورة في ذاكرة القراء لأنها تمسّ جوهر الإنسان، لم تكن ستو روائية بارعة في الحبكة بقدر ما كانت صوتًا للمقهورين، تترجم وجعهم وتحشد به الرأي العام ضد الرق.
أثارت الرواية ضجة منذ صدورها، بيعت منها في عامها الأول مئات الآلاف من النسخ في أمريكا وأكثر من مليون ونصف في بريطانيا، استقبلها الجمهور وكأنها بيان حرية لا رواية، واعتُبرت واحدة من العوامل المؤثرة التي غيّرت المزاج الأميركي تجاه الرق، وقد قال عنها الرئيس أبراهام لنكولن حين التقى الكاتبة "إذن هذه السيدة الصغيرة هي من بدأت هذه الحرب الكبيرة".
من يقرأ رواية كوخ العم توم يدرك أنها ليست رواية عابرة، إنها وثيقة إنسانية شجاعة، استعانت ستو في كتابتها بشهادات حقيقية لعبيد فارين، وجمعت القصص من أفواه الأمهات والرجال الذين عاشوا العذاب، كانت مشاهد الأطفال الممزقين عن أمهاتهم، والنساء الهاربات في البرد، والرجال الذين يُجلدون لأتفه الأسباب، كفيلة بإشعال عاطفة أمة بأكملها.
لم تقف ستو عند حدود الرواية، بل استمرت في دعم قضايا الحرية، وهاجمت الحكومات التي تواطأت مع العبودية، ضغطت على الرئيس لنكولن للإسراع بتحرير العبيد، وفضحت سياسة بريطانيا التجارية مع ولايات الجنوب، وظل اسمها يذكر كلما ذُكر تاريخ مناهضة الرق.
لا يزال تأثير الرواية مستمرًا حتى اليوم، دُرّست في المدارس، وتحوّلت إلى أعمال مسرحية وسينمائية، وكان آخرها تجسيد العم توم بشخصية سينمائية عام 1987، وما زال تحميل رواية كوخ العم توم مطلوبًا على منصات القراءة، وقد ساعد تلخيص رواية كوخ العم توم في تبسيط فكرها للقراء الجدد، بينما استخدم كثيرون تلخيص قصة كوخ العم توم لإيصال رسائلها في محافل التوعية الحقوقية.