
للتواصل معنا
ملخص رواية ميت مطلوب للشهادة من تأليف سمر عبد العظيم، لا شك أن الزمان الذي نعيش فيه يمتلئ بالأسئلة الكبرى حول النهاية والرحيل، وفي خضم هذه الأسئلة تنبثق رواية ميت مطلوب للشهادة من بين جنبات الصمت لتمنح الموتى صوتًا وتمنحنا نحن الأحياء نافذة نطل منها على ضفة الحياة الأخرى حيث تختفي الأجساد وتبقى الحكايات.
تخط الكاتبة سمر عبد العظيم، بخبرة الطبيبة الشرعية وعدسة الكاتبة الواعية سردًا فريدًا في رواية ميت مطلوب للشهادة حيث لا نقرأ القصص من فم الراوي بل من فم الضحية ذاتها التي توقفت نبضاتها على طاولة التشريح وتحدثت في لحظة غامضة ما بين الصمت والصدى.
كل قصة من القصص السبعة عشر تبدأ من حيث انتهت حياة أصحابها، من لحظة الرحيل المفاجئ أو المحتوم أو الغامض، ثم تنسج الأحداث بهدوء شديد دون استعجال لنفهم بالتدريج ماذا حدث ولماذا وكيف جاء الموت ليختم هذا الفصل من حياتهم، وتأتي رواية ميت مطلوب للشهادة لتمد يدها إلى القارئ وتدعوه لمرافقة الطبيب الشرعي في رحلته لاكتشاف التفاصيل.
تختلف خلفيات الأبطال الذين ظهروا في رواية ميت مطلوب للشهادة فمنهم من انتهى أمره غدرًا ومنهم من أسدل الستار عليه حزنًا أو قهرًا أو صدفة مميتة، ولكنهم جميعًا تقاطعوا في نقطة واحدة هي الرغبة في أن تُسمَع قصتهم، أن يُفهم الألم الذي لم يُقال وأن تُروى الحقيقة بعد أن سكت الجميع.
تطرح الرواية مفاهيم دقيقة من عالم الطب الشرعي بلغة مبسطة ذكية لا تُغرق القارئ بالتعقيد، بل تمنحه مفاتيح الفهم، فتوضح مثلاً كيف يُفرّق بين الوفاة بفعل فاعل أو انتحار، كيف تُقرأ الإصابات؟ متى حدثت؟ ومن أي اتجاه جاءت؟ من هو الجاني وما علاقته بالمجني عليه؟ وتظهر الكاتبة هنا لا بوصفها راوية فحسب بل خبيرة تنقل علمًا في قالب إنساني.
وفي كل حكاية من رواية ميت مطلوب للشهادة تأتي النهاية كضربة كاشفة قد تكون موجعة ومفاجئة لكنها دومًا منسوجة بإتقان يدرك أن هذه الحياة مليئة بالطبقات، وأن خلف كل وجه حكاية قد لا يصدقها من لا يراها.
الجانب الأبرز في رواية ميت مطلوب للشهادة ليس فقط السرد ولا التفاصيل الطبية بل تلك اللحظة الحميمة بين الجثة والطبيب حين تبوح بما لم يُعرف، حين يصبح الموت –الذي يقال عنه إنه نهاية– هو بداية لحكاية ستُروى للمرة الأولى وربما الأخيرة.
رواية ميت مطلوب للشهادة تضع الطب الشرعي في قلب الأدب وتجعل من كل جثة شهادة ومن كل أثر على الجسد جملة مكتملة ومن كل تفصيلة أداة لفك لغز، ومن كل موت نافذة على عدالة ضاعت في الزحام.
رغم أن الشخصيات متشابهة من حيث النهاية إلا أن الفوارق تظهر في الدوافع والسياقات، في الخلفيات التي أدت بهم إلى النهاية، لتؤكد رواية ميت مطلوب للشهادة أن الحياة ليست فقط بما نراه بل بما نغفله.
هذا العمل يذكرنا أن خلف كل تقرير طبي حكاية إنسان، وأن الطبيب ليس فقط قارئًا للجروح بل مترجمًا لصمت الجسد وكاشفًا لأسراره المطمورة، وفي ظل ذلك يمنح الكتاب نفسه كمرجع فني وإنساني على حد سواء.
يلامس كتاب ميت مطلوب للشهادة الوجدان بصدق ويخاطب العقل بحكمة ومن ثم يجمع بين الحكي والتحقيق في توازن دقيق ويجعل من كل قصة تذكرة بأن الحقيقة لا تموت وإن غابت.
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الروايات الآتية:
رواية وحدها شجرة الرمان للكاتب سنان أنطون
رواية ترنيمة سلام من تأليف الكاتب أحمد عبد المجيد