للتواصل معنا
ملخص كتاب الوجود والعدم للكاتب مصطفى محمود، هل يمكن للعلم والفلسفة أن يلتقيا في نقطة واحدة ليجيبا عن أسئلة الإنسان الأزلية؟ كتاب الوجود والعدم هو أحد المؤلفات الفلسفية العميقة للدكتور مصطفى محمود، حيث يحاول من خلاله الغوص في أسئلة الإنسان الكبرى حول الوجود والموت والعدم والمصير، ليس كتاب الوجود والعدم مجرد بحث فلسفي جاف، بل هو رحلة تأملية تمزج بين الفلسفة والتصوف والعلم، في أسلوب ممتع يجعل القارئ يواجه ذاته وأسئلته العميقة.
يؤكد الدكتور مصطفى محمود في كتاب الوجود والعدم أن منتهى ما توصلت إليه رحلة العلم هو أن الكون بجميع صوره وتواليفه مخلوق من خامة واحدة على مقتضى خطة واحدة وأسلوب واحد وقوانين واحدة، هل هذا يؤكد شيئًا واحدًا فقط؟ بالتأكيد، فخالقه بداهة لا بد أن يكون واحدًا، يؤكد الكاتب حقيقة مهمة تتعلق بالذات الإنسانية وهي أننا نهاية سلسلة غامضة من الأنفس لا يعلمها إلا الله، وأن أعماق الإنسان وأموره الباطنة قد تخفى علينا نحن البشر.
يتناول المؤلف ثنائية الوجود والعدم، موضحًا أن وجودنا في العالم ليس صدفة بل ضرورة، وأن الموت ليس نهاية مطلقة بل باب إلى مرحلة أخرى، يرى أن العدم ليس شيئًا يمكن إدراكه، فحتى التفكير فيه يفترض وجود عقل مفكر، وبالتالي لا يمكن للعدم أن يكون حقيقة مطلقة، إن الوجود والعدم كانا من البداية كالحقيقة والمرآة، حيث الحقيقة فاعلة والمرآة قابلة ناقلة لا تضيف من عندها شيئًا، يشير مصطفى محمود إلى أن كل بحث عن معنى يقود في النهاية إلى الله، فالوجود عنده مرآة تعكس حضور المطلق.
يناقش كتاب الوجود والعدم قانون السببية، هل الأسباب تضر بذاتها أو تنفع بذاتها؟ لا، فالأسباب هي مظهر لمشيئته، تضر بإذنه وتنفع بإذنه، إن هناك حكمة دائمًا وراء المنع والعطاء والهداية والضلال، وأن مشيئة الله وهدايته دائمًا تستند إلى لياقة واستعداد في العبد، يؤكد الكاتب أن العبد يملك من المبادرات وخلوص النية ما يرشحه للعطاء أو الحرمان، فعطاء الله مشروط كما أن حرمانه مسبب وليس الأمر جبرًا وإكراهًا وتعسفًا، كما يؤكد أن الإنسان يعمل بتفويض وله حرية الطاعة والمعصية، ومسؤول في نطاق هذا التكليف.
بالرغم من عمق الأفكار، يواجه كتاب الوجود والعدم انتقادات، يرى البعض أن استشهادات مصطفى محمود بالآيات غير موفقة في بعضها، وكأنه لم يقرأ تفسيرًا للقرآن من قبل، كما يُنتقد اعتماده على كتابات الصوفية كمسلّمات، واستشهاده بأحاديث مشكوك في صحتها مثل "من عرف نفسه عرف ربه"، يعتبر فصل "توحيد أهل الأسرار" أكثر الفصول غموضًا، ومليئًا بالمصطلحات المبهمة كـ"الحضرات الوجودية" وعالم "الجبروت"، هذه الشطحات الصوفية قد تدعو للنفور والولوع بعوالم غيبية متوهمة.
يصف المؤلف الموت باعتباره الحقيقة الوحيدة التي لا يستطيع الإنسان إنكارها، الموت ليس فناءً، بل انتقالًا، مثلما يذوب الجليد ليصير ماء، تظل الروح مستمرة في مسارها الوجودي، يرى أن وعي الإنسان بموته يمنحه حريته الحقيقية، الإنسان يظل مسجونًا في "الأنا" ورغبات الجسد حتى يدرك أن هناك ما هو أبعد من المادة والزمن، كتاب الوجود والعدم ليس كتابًا يقدم إجابات نهائية، بل هو مرآة لقلق الإنسان وأسئلته الكبرى.