
للتواصل معنا
ملخص رواية زقاق لو للكاتبة أماني عيسى، عمل رمزي بالغ العمق لكاتبة تمارس الغموض والفلسفة كطقس مقدس للكتابة أماني عيسى، الكاتبة تُلقي بك في متاهة من الأسئلة وتدعك تتخبط في دهاليز اللايقين حيث لا مكان ولا زمان ولا يقين سوى تلك اللمحة الخافتة في عقل القارئ الذي يلاحق المعنى كما لو كان يلاحق ظله.
في رواية زقاق لو نتابع خمس شخصيات تتقاطع مصائرها في قرية ضيقة موحشة تقع داخل زقاق يبدو كأنه موجود في العقل أكثر مما هو على الأرض تتساقط التفاصيل المكانية والزمانية عمدًا لتترك القارئ في مواجهة مع ذاته واختياراته، ومع تلك اللحظة التي يقرر فيها أن يبيع روحه أو يحتفظ بها رغم الجوع والألم والبرد.
زقاق لو ليس مجرد مكان بل حالة شعورية كاملة مسقطة على الورق الزقاق ضيق قاتم تحاصره بيوت خشبية مهجورة ومنهكة ويظهر في داخله شخصية غريبة مُلثمة تُغري الجميع بتحقيق الأمنيات في زقاق المستحيل، كلمات هذا الغريب تُغلف بالإغراء والتحدي في وقت تنهار فيه القيم وتتداخل الرغبات والندم.
رواية زقاق لو لا تسير على خط زمني واضح بل تعتمد على التنقل بين أعماق الشخصيات كل شخصية تمثل رمزًا لحالة وجودية سؤال عن الإرادة عن المصير عن حدود الحرية والاختيار، هل نحن من نكتب قصتنا أم أن القصة كُتبت وانتهى الأمر؟ من خلال سرد متقطع متعدد الأصوات تقدم الرواية هذا السؤال وتنسحب في اللحظة التي تتوقع فيها الإجابة.
تتحدى أماني عيسى في هذا العمل القارئ منذ الصفحة الأولى حيث تقدم عالمًا بلا يقين عالمًا أشبه بحلم طويل لا نُميز بدايته من نهايته ولا نعلم هل نحن نقرأ رواية أم نعيش تجربة نفسية وجودية كاملة تتشابك الأفكار والرموز والصور بأسلوب شاعري يعتمد على التكرار كأداة للتكثيف لا للملل.
رواية زقاق لو تتشابك فيها الرؤية مع الغموض وتدعو القارئ أن يكون شريكًا لا متلقيًا وهذا الأسلوب تحترفه الكاتبة كما رأينا في أعمالها السابقة مثل لقد تركنا الله ورسائل من الجانب الآخر حيث الرمزية والوجودية تخلق حالة سردية متأملة.
الأسلوب السردي يعتمد على تنوع الأصوات يتنقل بين الشخصيات والراوي العليم حينًا لتقديم خلفيات نفسية وتفاصيل باطنية تساعد في رسم الصورة الكاملة دون أن توضح كل شيء أو تفضح الرموز، واللغة شاعرية ومشحونة بالعاطفة والتأمل الرمزي، التكرار في المفردات والمواقف جزء من البناء الفني لا ضعف فيه بل مقصود لاستدعاء المعنى المستتر.
لكن تظل رواية زقاق لو تجربة أدبية وفكرية نادرة لا تُقرأ مرة واحدة ولا تُستهلك سريعًا بل تعاش وتُتأمل وتُعاد قراءتها كل قارئ سيخرج منها بمعنى مختلف لأن الرواية مكتوبة بروح الأسئلة لا بروح الإجابات.
هي رواية تُشبه الحلم وتُجبرك أن تسأل: ماذا لو؟ ومن نحن؟ وماذا نفعل في هذا الزقاق؟