
للتواصل معنا
ملخص رواية أدب رخيص لتشارلز بوكوفسكي آخر ما ظهر لأسطورة الأدب الأميركي، وهي عمل روائي يمثل ذروة ما يُعرف بـجمالية الرداءة أو شعرية الهتك التي أسس لها الكاتب بأسلوبه غير المقلد، الرواية ليست مجرد قصة لكنها إهداء ساخر لـ"الكتابة السيئة"، وهي عبارة يجب أن تُقرأ في ضوء الثورة الهادمة التي يشنها بوكوفسكي ضد المؤسسة الأدبية الكلاسيكية والأخلاق التقليدية.
إنها ثورة تهدف إلى إحراج النوع الأدبي وتحويل وجهته، على الرغم من وفاة بوكوفسكي، تظل نجوميته حاضرة بقوة بين الشباب الغاضبين في العالم، وكأن رواية أدب رخيص تمثل صوتاً للأحاسيس الغاضبة التي عادة ما تعرفها الشعوب بعد الإحباطات والانتكاسات، بحثاً عن شكل فني يهشم التقاليد.
تأخذ رواية أدب رخيص قالب أدب التحرّي، وهو النوع الذي تصنفه المؤسسة النقدية بالمرتبة الثانية، لكن بوكوفسكي يستخدمه كـشكل من أشكال التجريب لكتابة العميق والفلسفي، بطل الرواية هو المحقق الخاص نيكي بيلين، شخصية يلفها الغموض، مزاجه متقلب، ومعتز بنفسه وهو يردد: "أنا هوليوود، أو ما تبقى منها".
تبدأ رحلته الاستكشافية عندما تتصل به امرأة غامضة تدعى السيدة موت، قابضة الأرواح، لتطلب منه مهمة خيالية: البحث عن الكاتب الفرنسي الشهير فرديناند سيلين (محطم اللغة الأدبية الفرنسية)، الذي تدعي أنها لم تأخذ روحه بعد، ويتردد شبيه له على مكتبة في كاليفورنيا، هكذا تتوالد الحبكات البوليسية من بعضها البعض والمهمات العبثية التي تكلف بها السيدة موت المحقق السيئ الحظ.
إن هذا المزيج الساخر الذي يخلط بين الواقع والهذيان (كاستحضار كائنات لا وجود لها، والتوهم بوجود كائن فضائي يطارده) هو ما يمثل تهجير النص عن نموذجه التقليدي، فنحن لسنا أمام رواية تحرٍ تقليدية، بل أمام رواية بوكوفسكية تختبر أدب التحري كشكل لتحرير الكتابة.
تعم رواية أدب رخيص حالة مستفحلة من الإحباط والتأزم الوجودي، يفتتح بوكوفسكي الرواية بعبارة تكشف عن عاصفة الذعر النفسي: "لم أكن ميتًا بعد، كنت فقط في حالة من التحلل السريع"، الموت هو ثيمة بارزة في كل أعماله، ويتجسد في الرواية عبر السيدة موت الفاتنة التي تغوي الآخرين، في مشهد يجسد الذعر الممعن من الموت وعدم إدراك لمعانيه: "يولد المرء ليموت، ما معنى هذا؟"، هذا الهاجس لا يفتأ يستمر بين صفحات الرواية: "هذا تصوري حول قضاء وقت ممتع، الجلوس مسترخيًا تحت الضوء بينما يتثاءب القبر في انتظاري".
العبثية والتهكم:
يمارس بوكوفسكي تسخيفاً ساحراً لكل حدث، وتحويل كل شخص إلى شخصية هزلية، يصب جام غضبه على الآخرين، عاداً إياهم "حمقى": "رحت أعد كل أحمق يمر بي، عددت خمسين أحمقًا في دقيقتين ونصف"، معبراً عن نقمته المستمرة وتوقعه للأسوأ: "هناك دائمًا شخص على استعداد أن يفسد عليك يومك، إن لم يكن حياتك".
ضياع الزمن:
يتقاطع هذا التأزم مع تدحرج الزمن، وإيحاءات متكررة لضياع الوقت: "يوم آخر ضاع سدى"، الرواية في جوهرها هي محاولة للبحث عن الحرية والهرب من القيود المادية والاجتماعية، "الحياة لمن يجرؤ".
إن رواية أدب رخيص هي عمل ينهض في تفككه الظاهر، مؤسساً لكتابة متمردة على الشكل بسخريتها اللاذعة لطرح أكثر القضايا عمقاً: الموت والكتابة والحب والفن والجمال، وهي قيمة تكمن في قدرتها على توجيه لكمة في وجه هذا الجنس الروائي الذي أكله الصدأ، بوكوفسكي لم يكتفِ بنقل حياة الطبقة المدقعة الأميركية، بل عبر عن تأزم روحي عميق، متحرراً من أثقال التصنيف.
رواية أدب رخيص تصور حالة ذعر مستفحلة من الحياة والموت والزمن والأمراض النفسية، وتظل قيمة رواية أدب رخيص كامنة في أنها تُبطِن عكس ما تُظهر حتى بعنوانها وإهدائها، لمن يريد أن يتعمق في هذا العالم يمكنه البحث عن كتاب أدب رخيص أو كتاب أدب رخيص pdf أو أدب رخيص pdf قهوة غرب.