
للتواصل معنا
ملخص كتاب السنن النفسية لتطور الأمم للكاتب غوستاف لوبون، في كتابه الفريد السنن النفسية لتطور الأمم يغوص غوستاف لوبون في أعماق الشعوب لا ليقرأ تاريخها الظاهري بل ليُحلّل طبائعها الباطنية ويكشف بصمتها النفسية التي تميّزها عن غيرها، يرى لوبون أن وراء كل حضارة قوة خفية تتجلّى في سلوكيات جماعية وروح لا تتغير بسهولة، وأن هذه الروح هي المحرّك الحقيقي لصعود الأمم أو سقوطها.
يرتكز كتاب السنن النفسية لتطور الأمم على فرضية جوهرية: أن لكل أمة سِمة نفسية مميزة تُشبه البصمة الوراثية، هذه السمة تنتقل من جيل إلى آخر وتتحكم في ردود الفعل الاجتماعية والسياسية والثقافية، قد تنحسر هذه البصمة بفعل الحروب أو الغزوات أو حتى التلاقح الثقافي، لكنها تعود دومًا لتظهر في لحظات الحقيقة وتؤكد حضورها الراسخ.
أكثر ما يثير الجدل في كتاب السنن النفسية لتطور الأمم أن الكاتب يفرّق بوضوح بين التعلم والتكوين النفسي، فالشهادة لا تُبدّل روح الشخص، ولا التعليم العالي يضمن وعيًا متقدّمًا، قد يصبح الإنسان محاميًا أو مهندسًا، لكنّ تفكيره لا يخرج بالضرورة من الإطار الذي ورثه، يصر لوبون على أن التكوين النفسي للأمم لا يتغير بسهولة، بل يحتاج لقرون كي تُعاد صياغته.
يقدّم كتاب السنن النفسية لتطور الأمم تصنيفًا للأعراق البشرية حسب قابليتها للحضارة والابتكار، يبدأ بالعروق الابتدائية التي تعيش في بدائية فكرية رغم التعليم، مرورًا بالعروق الوسطى كالعرب والصينيين، وصولًا إلى العروق العليا مثل الشعوب الأوروبية القادرة على الاختراع والتجديد، يرى لوبون أن هذا التفاوت ليس مؤقتًا أو سطحيًا، بل مغروس في أعماق الأمم، وهو ما يجعل فكرة المساواة المطلقة غير قابلة للتطبيق الواقعي.
من النقاط الشائكة التي يطرحها كتاب السنن النفسية لتطور الأمم أن المساواة بين الشعوب، كما يُروّج لها في الحضارات الحديثة، مجرد وهم، فمحاولة فرض نموذج واحد على عقول شتّى، دون مراعاة للفروق النفسية المتجذّرة، قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، وينبّه لوبون إلى أن الثورات التي عرفتها أوروبا وأمريكا هي أمثلة حية على هذا التصادم.
يستعرض لوبون تاريخ حضارات متعددة مثل الهند والفرس والفراعنة ليبرهن أن العامل النفسي لا يقل شأنًا عن الاقتصاد أو السياسة، فطريقة تعامل الشعوب مع السلطة أو العلم أو الآخر، ليست مجرد انعكاس لظروف آنية، بل ترجمة لموروث نفسي طويل الأمد، وهو ما يجعل فهم السنن النفسية ضرورة لكل من يسعى لفهم حقيقي لتاريخ الأمم ومستقبلها.
رغم أن الترجمة العربية التي أنجزها عادل زعيتر مليئة بالمحسنات اللفظية التي قد تربك القارئ، إلا أن جوهر كتاب السنن النفسية لتطور الأمم يبقى متماسكًا وصادمًا في بعض أفكاره، إذ يضعنا وجهًا لوجه مع أسئلة ثقيلة من قبيل: هل يمكن تغيير طبائع الأمم؟ وهل نحن أحرار فعلًا في طريقة تفكيرنا أم أسرى تراث غير مرئي؟
إذا أردت إثراء حصيلتك المعرفية والأدبية بإمكانك الاطلاع على الكتب الآتية: